وقفتُ على باب المدينةِ ساهماً
أراقبُ صمتاً بالغَ الصمتِ، يهدر ُ
ولم أرَ فيها غيرَ أوجاعِ دمعةٍ
تغصُّ بأطلالِ الديارِ، وتزفِر ُ
فقلت لها: من أغلقَ البابَ دوننا
وصادرَ حلماً كانَ بالقلبِ يكبُر ُ
ومَن أحرقَ الأرض الولودَ، وأهلَها
وأضرمَ فيها النارَ حقداً يُسعَّر ُ
وكيف أحالتْ هذه الريحُ حقلَنا
يباباً تغنّي الريحُ فيه، وتصفِر ُ؟!
-----
فأغضتْ، ورُجَّ الجسرُ بالليلِ رَجَّةً
وبُعثِرَ أشلاءً تهاوتْ تزمجر ُ
ومرّت ذئابٌ تنهشُ النورَ والرؤى
وتفقأُ عيناً للجمالِ، وتمكر ُ
فأنّت ْضلوعُ النهرِ ولهى حزينةً
تلملم أوصالَ الصباحِ وتبحر ُ
-----
فسرتُ وحيداً في شرايين دربها
أُفتّشُ عنّي بالوجوه، وأنكِر ُ
هنا كان بين القلبِ والحبِّ بيتنا
هنا كان بين العينِ والجفنِ منظر ُ
هنا زقزقاتُ الفجرِ بين غصونهِ
هنا كان حقلٌ للمواسمِ أخضر ُ
-----
وهبَّ كتابٌ من رفوف رقادهِ
وأغفى بحضني هادئاً يتفكّر ُ
لأقرأَ فيه الهجرَ والقهرَ والنوى
وأقرأ أن الحقَّ لابدّ يظفر ُ
-----
إذا غابَ نور الشمسِ يوماً فإنّه ُ
ومهما يعاندْهُ الظلامُ سيظهر ُ
عصام حقّي
شاعر وكاتب سوري