ذاكرة الفن التشكيلي السوري



 

الفنّان التشكيلي

اسماعيل حسني حقي
 

هو والد المخرج المعروف هيثم حقي. أبصر النور في مدينة الميادين عام 1919.عاش طفولته في حلب وكان ميالاً للأدب والفنون، تلقفه الفنان منيب النقشبندي عرّاب جيل الروّاد وساعده على صقل موهبته وتنميتها، تعرّف في ذات المرحلة على فنان فرنسي أثناء فترة الانتداب الفرنسي وتعلم منه بعض الأصول الأكاديمية لفن الرسم. كتب القصة والرواية شابّاً وأسس نادياً ثقافياً في مدينة دير الزور (نادي ابن خلدون). من كتاباته رواية (عابر سبيل) التي تحولت إلى فيلم من أوائل الأفلام السينمائية السورية. 

حصل عام 1952 على منحة دراسية من مجلس بلدية حلب أوفد من خلالها لدراسة الفنون الجميلة في روما حيث تابع أيضا دراسة التمثيل والإخراج المسرحي. عاد للوطن عام 1956 حاملاً تجربة عميقة في الفنون ليدرّس في مدارس دير الزور وثانوياتها. انتقل لاحقاً إلى مدينة حلب واستقرّ بها ليرأس مكتب نقابة الفنانين ويؤسس مركزاً للفنون الجميلة أسماه (فتحي محمد) حيث بقي مديراً له حتى عام 1965. درس مادتي الرسم وتاريخ الفن في كلية العمارة بعد إنشاءها. ربطته في حلب صداقة عميقة مع الفنانين غالب سالم ووهبي الحريري وفاتح المدرس وفتحي محمد مكوّنين سوية فضاء فنياً مميزاً أغنى الحركة التشكيلية السورية، كما عمل مع الكاتب وليد إخلاصي على إنجاز العديد من اﻷعمال المسرحية. أقام العديد من المعارض الفنية في مدريد وباريس وغيرها من العواصم.

تميّز الفنان حقي بأسلوبه الفريد بتحويل القصائد الشعرية إلى لوحاتٍ فنية تنبض بالحياة. تبدأ لوحته بفكرة مستمدة من الواقع ثم يبني حولها أشكالا مكمّلة تكون بمثابة خلفية للعمل ومن ثم يبدأ العمل رحلةً يتنقل فيها من التأمل إلى الإضافة والحذف حتى يصل أخيراً الى التعبير المراد في مخيلة الفنان، لا يلتزم حقي أبدا بالواقعية بمفهومها الفوتوغرافي إنما يبحث دائما عن صيغة جديدة لتقديم المـألوف ليكون بهذا فناناً انطباعياً أعماله مفعمة بالإحساس والعاطفة. من أشهر أعماله (الحياة) التي يظهر فيها تأثير فنون حضارات الشرق القديم بابل وآشور ولوحة (بائعة الديك). بقي حقي أصيلاً مخلصاً لأدبيات الفن حتى النهاية، يقول حول الفن: (كان الفن في المدن البعيدة ولا يزال أصيلاً بمعنى أن الفنان صادقٌ مع نفسه لا يعمل من أجل الربح بينما اتجه الكثيرون في العاصمة إلى التجارة وأضاعوا أصالتهم).

استطاع حقي مزج العديد من الفنون ومزاوجتها في إطار العمل التشكيلي ليكون فناناً كبيراً جاء من مدينة فراتية صغيرة. غادر اسماعيل حقي دنيانا عام 1980 لتبقى بصمته على جدار تاريخ التشكيل السوري.

 


 

يسر عيّان

كاتب سوري

Whatsapp