لا أقصد بكلامي النساء فقط، بل كل كائن يملك قلباً في صدره ودماءً في عروقه وقليلاً من المشاعر الطيبة فهو وطني بجدارة.
علاقتنا بوطننا مستمرة فهي عميقة كعمق المحيط، لم يتركوا لنا خياراً، ناشدنا الرياح والشمس والقمر والنجوم ليرجعوا عن ظلمهم وبهتانهم ولكن هيهات!، خرجنا كقطرات الندى نهتف للحرية، نحمل وروداً ونتطلع لحياة أفضل، ما زالت أصواتهم في مسامعي وقلبي:
سورية بدها حرية
جوبهنا بمنتهى الشراسة، قتلوا حمزة وهاجر، أراقوا دماء شهدائنا الطاهرة، كأنهم لسنوات متأهبون وأصابعهم على الزناد!، عشنا معهم على نفس التراب لكن قلوبهم كانت خاوية من الحب، فحب الوطن مشاعر لا يعرفها إلا النبلاء، حب الوطن هو الحقيقة الوحيدة في زمن الغموض، لن أكرر ما فعلوه بهذا الوطن!، عندها سأضطر للضحك والبكاء، أضحك بفرح لهذه الثورة فهي أعادت لنا إنسانيتنا، وحركت دماء الثوار، رفعت رؤوسنا عالياً عرفتنا معنى الحياة، خلصتنا من العبودية وعرفت أطفالنا معنى الحرية، وأبعدتنا عن صنف القطيع الذي يأكل الفضلات وينام، وأبكي على أرض دنسها السفهاء، على نهر لوثوه بكل الفضلات، على أطفال لم يعرفوا يوماً أن لهم وطناً، على الأمهات الثكالى، وشهداء في زنازينهم على قيد الانتظار، أيها الوطن لا تبتعد أرجوك، حتى إن ابتعدنا نحن مجبرون، كل قطرة مطر تذكرنا بك وكل شروق شمس وغياب، وكل الطرق تقودنا إليك، ليتك احتويتنا مدة أطول، نريدك وبشدة لا شيء يشبهك على وجه الأرض، لقد تورطنا بحبك حتى النخاع، سنستمر بحبك مهما طال البعاد، نبحث عنك كالعميان في كل مكان، كل بقعة تراب تذكرنا بك، وكل هواء وحتى رائحة الورود مرتبطة بك، هل تشتاق إلينا كما نحن نشتاق، هل تشعر بوطء أقدام الغرباء؟، لما لا تفعل شيئاً من أجلنا فلقد سئمنا عدالة الأشخاص، لا عدالة إلا في السماء، هل استسغت رائحة الجبناء، متى نعود لبعضنا، وتنتهي هذه الرحلة التي طالت وطالت، هل للعمر عمر آخر للانتظار، أنت يا وطن باق ستشهد كل الانتصارات، أخبر أولادنا من بعدنا أننا أحببناك وما ابتعادنا إلا لكثرة الأموات ولا نريد تحويل ترابك كله إلى مقابر ليبقى قسماً منا على قيد الحياة ليروي للأجيال القادمة معنى الوفاء، نريدك حقيقة وليس سراباً، ضائعون من دونك، سنستمر في حبك مهما طال البعاد، رغبتنا الوحيدة أن نفتح عيوننا ونلقاك، افعل شيئاً من أجلنا أهل عليهم كل التراب، لا تدعهم يعيثون فساداً في تلك البلاد، علمتنا حبك مهما طال البعاد، عندما تنكسر القلوب لا تحدث صوتاً لكنك وحدك من يشعر بهذا الانكسار، أما حزنت على من وهبوك حياتهم، لما لا تأخذ بثأرهم من هؤلاء الأشرار، أوعدنا أيها الوطن أنك لن تنسانا وأنك تسعى للم شملنا، رائحة ترابك مخزنة في أعماقنا لا يضاهيها أجمل العطور والأزهار، مللنا وعود الأشخاص لا نثق إلا بك فأنت باق وهم إلى زوال.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة