بابتسامتك استقر الفجر في حياتي وبات الليل بعيداً، أنا وأنت متحدان رغم ابتعادك لازلت هنا، نبضات قلبك أشعر بها لا تفارقني، اتحدنا قبل أن أولد وأرى الحياة، وعندما رأيت النور كان نور وجهك الأول، أصبحت أرضي وسمائي، عالمي بأسره يكمن بنظرة عينيك، وكان حضنك معبدي، أنت الحلم وأنا النوم، أغفو على دقات قلبك لنؤلف معاً حياة كاملة، أي طريق فهو اتجاهك وأي هواء هو أنفاسك، والشمس تشرق من عينيك، تلامسين روحي بيديك الطاهرتين وأبقى صغيرة معك، من دونك لست على طبيعتي، لا أشعر بشيء مميز إلا من خلالك، غادرت وتركتني جسداً لا يتحكم بداخله، أريد نفسي على طبيعتها كما كنت معك، أنا عالقة الآن وروحي مرهونة بك، أصبحت الأمور معقدة بعدك، أحمل آلامي معي وجراحي التي كنت بلسماً لها، العالم ليس مثالياً كما اعتقدت بوجودك وأنا لا أشعر بشيء جميل، لا تسألوني فليس لدي جواب هو شعور يرافقني منذ رحيلها، عقلي مسجون بالتفكير مثلك والتصرف والصبر والحنان وإن كنت لا أطالك، فشخصيتك كانت مفعمة بالحياة والتفاؤل شعارك وأنا أتمتع بظلك قليلاً، ماذا حققت بابتعادك عني، عانقيني لمرة واحدة كي تعود أنفاسي كالسابق، فبحة صوتي بعدك لازمتني، أريدك بكامل وعيي لا يمكنني أن أستمر طويلاً فأنا ضعيفة عكس ما يتصورون، يدك التي تلامس رأسي وتربت على ظهري بعيدة وأنا أشعر باستياء، لكنني تلقيت درساً قاسياُ بابتعادك، ذكرياتي معك جزء من حياتي لا مفر منها، وأنت جزء من كل لحظة أعيشها، يجعلني أشعر أنني لست بمفردي، وأنك متوفرة دوماً من أجلي متى استدعيتك كنت أمامي بهيبتك وطلتك وابتسامتك الجميلة التي عهدتها دوماً، تقولين لي اسلكي نفس طريقي؟، طريقك صعب يا أمي فأين لي طيبتك وحنانك وصبرك الفائق، فالحياة أصبحت قاسية وصعبة والناس تغيرت، فهم الآن يفسرون الطيبة بالسذاجة والحنان بالضعف، والحياة أصبحت بعدك طويلة جداً، أرى نظرتك وأعرف ردك، عهدتك قوية وصبورة لا تستسلمي فأنت مثلي تحبين الحياة وستنجحين باستقطاب العائلة من بعدي كوني لهم سنداً وأماً، آه كم هذا المطلب صعب فالأمومة شيء خرافي، عذراً يا أمي جئتك بكل مشاكلي التي انهالت علينا فجأة، نسيت أن أخبرك أن سلك كهربائي قد مس بلدنا وقفز الناس قفزة واحدة، منهم من سقط ومنهم من تمسك بحبال الأمهات، جميل أنك غادرت قبل أن تري ما رأيناه فقلبك الصغير لا يقوى على الاحتمال ونقاء روحك لن يصدق ما نراه، مستمرة فقط لأفوز بحبك ورضاك، من توافه المنية لا يموت! بل يترك أثره وذكراه، وتضل حياته مرتبطة بحياتنا لعشرة أسباب أولها وعاشرها الحب والانتماء، لا أحد يبكي بعد اليوم على الفقدان فهم معنا، صمتهم يتحدث من خلالنا والسعادة ليست بعيدة بل تتوارثها الأجيال، لن نستسلم لنحصل على المزيد من الفرح ونكمل طريقهم كما أرادوا، نعم يا أمي أنت معي في كل مكان، معك أجتاز الحدود لست وحيدة فجلالتك في كل مكان.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة