الفنّان التشكيلي
ميشيل كرشة
في مدينة دمشق-حي القيمرية عام 1900 أبصر الفنان ميشيل كرشة النور في كنف أسرته التي تحبّ العلم وتقدّر الفن، ظهر ميله للرسم والتصوير في سنٍّ مبكرة. تقدم إلى مسابقة التصوير في المدرسة الوطنية للفنون في باريس وأصبح طالبا فيها بعد اجتيازه المسابقة عام 1919. تتلمذ في باريس على يد الفنان لوسيان سيمون وهناك أتيحت الفرصة أمام ميشيل للاطلاع على المدارس الفنية الحديثة في أوربا وعلى تياراتها المختلفة، بل والتأثر بها أيضا. عاد بعد إنهاء دراسته إلى دمشق عام 1925 حاملاً تجربة عميقة في التصوير وأصوله ومدارسه.
عُيّن مدرساً للفنون في مكتب عنبر كما درّس الفنون في العديد من المدارس والثانويات في دمشق حتى تقاعده عام 1949. ساهم ميشيل بتأسيس جمعية محبّي الفنون عام 1950. شارك في العديد من المعارض العربية والعالمية وحصل على جوائز مهمة خلال مشاركاته الفنية في مصر وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
يعتبر ميشيل كرشة من أوائل من طرقوا أبواب الحداثة في الحركة التشكيلية المعاصرة إذ تأثرت أعماله بالانطباعية حيث كان يعالج لوحاته بضربات واثقة يبتعد فيها عن التفاصيل مخالفا قواعد المدرسة الكلاسيكية والتسجيلية والواقعية، كان يحمل لوحاته وألوانه للرسم خارجاً في الهواء الطلق على طريقة كبار أساتذة الرسم الانطباعي. من الخصائص الجمالية التي نجدها في لوحاته تجانس العناصر والأشكال والمشاهد في إيقاعات لونية غابت عنها الخطوط وأظهرت اللمساتُ العفوية البقع الضوئية على كتلة العناصر المختلفة. تناول الفنان ميشيل بريشته مختلف الموضوعات فصوّر المشاهد الاجتماعية والمنازل القديمة والحديثة من الداخل وصوّر المقاهي والريف وحياة البدو، من أشهر أعماله نوفرة دمشق وثلاثية ميسلون وحرب السويس.
كان كرشة غزير الإنتاج حيث ترك أكثر من ألف عملٍ فني لتكون شاهدة على الإنجاز المهمّ للفنان صاحب الأثر الأكبر بتوجيه الحركة التشكيلية المعاصرة الى الانطباعية والحداثة. بقي كرشة مخلصاً إلى ريشته أصيلا دائماً في موضوعاته حتى فاجأه الموت أثناء تحضيره لمعرض فني في مدينة نيويورك عام 1973 لتنطوي صفحة علَمٍ كبير من أعلام الحركة التشكيلية السورية المعاصرة.
يسر عيّان
كاتب سوري