في كل عام وفي السابع عشر من نيسان / ابريل تحديداً يحتفل السوريون بعيد الجلاء السوري عندما خرج آخر جندي فرنسي من سورية. أصبح بعدها هذا اليوم عيداً وطنياً تحتفل به سورية كل عام لكن هل اليوم سورية مستقلة فعلياً أم أنها أصبحت تحت احتلال ٍ جديد.
وجدنا في الخمس سنوات ماضية كيف احتفلت دمشق في عيد الجلاء من خلال رفعها للأعلام الروسية والإيرانية إلى جانب العلم السوري فأين هو عيد الجلاء إذاً وقد أصبحت سورية اليوم محتلة من جيوشٍ وأطراف عديدة تدعي غالبيتها الحرص على وحدة الأراضي السورية واستقلاليتها بينما تغتصب وتنتهك هذه الأراضي من أجل مصالحها فقط مما يعني أننا استبدلنا محتل بمحتلٍ آخر.
منذ خمسة وسبعين عاما كان لدى الشعب السوري الحلم بالاستقلال وإخراج المستعمر الفرنسي عن البلاد وقد نجح السوريون بالفعل بعد مقاومة ووحدة الشعب السوري بتحقيق أحلامهم باستقلال سورية أما في يومنا هذا فمنذ عشر سنوات تقريباً كان لدى الشعب السوري نفس الأحلام بالحرية والاستقلال والعيش بكرامة وبناء دولة ديمقراطية تسودها الحريات لجميع أبناء الشعب دون تمييز فما الذي حصل ؟ و أي ذنب اقترفه هذا الشعب ليدفع هذا الثمن الباهظ من أجل تحقيق أحلامه.
فبعد عشر سنوات مضت من تاريخ بداية الحلم السوري أصبحت سورية محتلة وسماءها مستباحة واقعة تحت عدة احتلالات كل محتل هدفه إقامة مشاريع إقليمية ودولية فالروس مثلاً استطاعوا بأن يقلبوا المعادلة السورية لصالح النظام السوري من خلال إعادة فرض سيطرة قوات النظام السوري على أراضي كانت قد خسرتها لأكثر من خمسة أعوام ومنع سقوط بشار الأسد حصل بعدها الروس على عدة امتيازات في سورية عن طريق اتفاقيات واستثمارات كبيرة بين البلدين فهل ستتخلى روسيا يوماً عن جميع مكاسبها في سورية؟ ومن سيدفع فاتورة التدخل الروسي في سورية لو خرجت منها بالفعل.
أما عن إيران فتدخلها في سورية لأغراض جيوسياسية وفرض سيطرتها على المنطقة فقد أمنت إيران موقعاً استراتيجياً مهماً وعززت مكانتها الدولية في المنطقة من خلال الوجود في سورية ولبنان والعراق وزادت من أوراق المساومة التي تمتلكها في الشرق الأوسط.
أما عن الولايات المتحدة الأميركية فكانت قد بررت وجودها اليوم في سورية لمحاربة الارهاب وتنظيم الدولة الاسلامية لكنها فعلياً سيطرت على جميع الموارد النفطية في سورية ومنعت وصولها إلى الشعب السوري.
أي جلاء يحلم به السوريون اليوم هل هو جلاء المستعمرون الجدد لسورية أم جلاءهم من نظامهم الذي قتلهم وشردهم خلال العشر سنوات مضت فاليوم وبعد خمسة وسبعين عاما يرى غالبية السوريون بأنه لو بقي الاحتلال الفرنسي في سورية ربما كان أفضل لهم من جميع الاحتلالات، فالاحتلال الفرنسي وخلال خمسة وعشرين عاما لم يقتل ما قتله بشار الأسد خلال عشر سنوات لم تقصف فرنسا المدارس والجامعات ولم تدخل المساجد لم تقصف سورية بالأسلحة الكيميائية ولم تهجر السوريين من بلادهم ومع هذا انتفض الشعب السوري بوجه الاحتلال الفرنسي وقرروا إخراجهم من سورية فكان استقلال سورية نقطة تحول كبيرة في حياة السوريون استطاعوا بعدها أن يعيشوا باستقلال وحرية والتفكير ببناء دولة مدينة.
أما اليوم فالجلاء الحقيقي يكون بخلاصنا من هذا النظام الذي قتل ومازال يقتل بالشعب السوري يومياً.
ربما قدر سورية بأن تصيبها عدة أزمات ولكن قدرها أيضاً بأن تبقى عزيزة مقاومة وفي النهاية منتصرة. وجميع من مروا على سورية خرجوا منها بعد مقاومة أهلها ووحدتهم وتقديمهم أرواحهم في سبيل تحرير وطنهم وإعادة العزة والكرامة للشعب السوري واليوم يعيد الشعب السوري نفس التضحيات لخلاصه من مستعمريه الداخلي والخارجي وإن طال الزمن ستشرق بعدها شمس الحرية على سورية فالشعب الذي استطاع أن يخرج المستعمر الفرنسي وينال حريته سيستطيع مرة أخرى أن يستعيد حريته من جديد.
آلاء العابد
كاتبة سورية