أيُّ طيفٍ من الجمالِ أتاني
يتهادى في زورقِ الألحانِ
بانسيابٍ كنسمةِ الفجر لمَّا
أيقظتها الوفودُ من نيسانِ
ويغنّي لوردةِ الحبِّ همساً
كحديثِ الطيورِ للأغصانِ
ثمَّ يغفو على ذراعِ صباحٍ
ناعسَ الطَرفِ ذابلَ الأجفانِ
***
هو طيفٌ من الخيالِ رقيقٌ
ووميضٌ من غابة الألوانِ
قد أتاني يزورني دونَ وعدٍ
أو بوعدٍ من خارجِ الأزمانِ
وسقاني من نبعه كلَّ عذبٍ
وسأبقى ظمآنَ مهما سقاني
أحملُ الأمسَ في حقيبة صمتي
راحلاً في قواربِ النسيانِ
كيف أنسى ونبضُ قلبيَ يأبى
يا شراعاً قد ضاقَ بالشطآنِ
***
كان حلماً من الورود بهيّاً
وعبيراً من الشذى الفتّانِ
كان صرحاً من الخيال عظيماً
فتهاوى على صخورِ المواني
كان حلماً مصادَراً من رؤانا
فتلاشى كنفثةٍ من دخَانِ
***
يهجر الطير عشّهُ إن تداعى
وتظلُّ الغصونُ في الوجدانِ
بارتعاشٍ يعيدهُ كلَّ يومٍ
للمغاني على جناحِ الأماني
ولظى الشوقِ يوقدُ الجمرَ فيهِ
في صراعِ الآمالِ والنيرانِ
***
إن تغيبي فإنّ طيفَكِ حسبي
وكذا العمر ُ غربةٌ وتداني
قد نرى البُعدَ هيّناً وهْوَ مرٌّ
أقتَلُ الرمحِ رأس ُ رأسِ السِنانِ
عصام حقّي
شاعر وكاتب سوري
