شهر رمضان في أوروبا


 

أجواء رمضان الروحانية ومظاهره وطقوسه التي عايشناها في البلاد العربية والإسلامية، تفتقدها الجاليات المسلمة في أوروبا التي تواجه حرب البقاء في ظروف قاسية، بعدما أصبحت أهدافًا واضحة للهجمات العنصرية بجميع أنحاء أوربا من قبل المنظمات اليمينية المتطرفة التي تحارب الإسلام علانية وتطالب بمنع المسلمين من تأدية شعائرهم في الجوامع والمساجد وطردهم من أراضيها.

أكثر من ستة ملايين عربي مسلم يعيشون في أوروبا ويحاولون قضاء الشهر الكريم من خلال الاحتفالات والطقوس الرمضانية بشكل قريب من السرية.

 في الدول الإسلامية تدرك اقتراب شهر رمضان شهر الحب والتسامح من خلال مظاهر الفرح التي تملأ الشوارع، الأعلام واللافتات والفوانيس والبسمة التي تملأ الوجوه، التآلف والترابط الإنساني على موائد الرحمن المنتشرة في غالبية الشوارع، وتستعيد الروح الإيمانية الخالصة في القول والعمل، والالتزام بالطقوس والعبادات والأخلاقيات المصاحبة لها.

المجالس الإسلامية الأوروبية التي تدير أمور المسلمين في أوروبا، تحاول إقناع الأوربيين بعدم ربط الإرهاب بالمسلمين.

الصوم في أوربا أمر شخصي وخاص بعيدًا عن المجتمع العام والالتزام بعدم المجاهرة به وإظهاره.

قبل انتشار جائحة الكورونا كانت تنشط حفلات الإفطار الجماعي بين الأسر والأصدقاء في رمضان، وتجد الأسر السورية تشارك نظيرتها المصرية والمغربية واللبنانية حفلات الإفطار، وكلما كانت مساحة الصداقة أوسع، امتدت الموائد الرمضانية لتتسع لجميع المسلمين من كل الجنسيات على مائدة واحدة.

كانت المؤسسات الإسلامية في الغرب تنظم إفطار جماعي تدعو إليه المسلمين وغيرهم كنوع من الانفتاح الثقافي على المجتمعات الغربية، وكانت تشمل إلى جانب الإفطار، برامج ترفيهية لتعريف الأصدقاء غير المسلمين بالعادات والتقاليد الإسلامية وأهدافها والغرض منها بعيدًا عما يُصدر من جماعات مناهضة للإسلام.

والتأكيد على أن رمضان ليس كما هو مشاع عنه، فالامتناع عن الطعام من الصباح للمساء، ليس هو الغاية الإيمانية من فقه الصوم، بقدر المساهمة بشكل فعلي في مساعدة فقراء البلدان والمجتمعات الإسلامية وإصلاح الصورة الذهنية عن المجتمع المسلم الذي تسممت صورته من جراء تطرف وعنف تيارات تكفيرية ومتطرفة، أساءت بشكل بالغ للإسلام والمسلمين.

رمضان الحاليّ هو الأصعب على الجاليات الإسلامية في أوربا، فحرية الاختلاف التي طالما ميزت المجتمعات الغربية، تأثرت بتغير المزاج الأوروبي وارتفاع نبرات العداء للمهاجرين وخاصة أصحاب الديانة الإسلامية، أو للتأثير الحاد للمجموعات المعارضة لتيار الإسلام الذي يسعى اليمين المتطرف إلى تجريمه في أوروبا، ما انعكس بدوره على شكل المجتمع الإسلامي في الغرب، واعتباره لدى الكثيرين مسؤولاً عن الهجمات الإرهابية التي تهز أوروبا، خلال المناسبات الدينية للديانات الأخرى.

تناهض الأحزاب اليمينية في أوروبا الوجود الإسلامي، وتسعى إلى دمج المسلمين قسرًا مع المجتمعات الغربية، وخاصة الملتزمين دينيًا الذين أرغموا على اللجوء إلى أوربا بسبب الظروف الأمنية والسياسية ببلدانهم.

الأحزاب المتطرفة والتي تظهر عداءها للإسلام والمسلمين وتروج (الإسلاموفوبيا) في أوروبا وتصف المسلمين بالإرهابيين، وتصور الإسلام على أنه مرتبط في مشاهد الدم والتفجيرات، وتصف المسلمين بالمتطرفين.

فرنسا:

قام وزير الداخلية الفرنسي (جيرالد دارمانان) بزيارة إلى مسجد باريس الكبير والتقى بإمام المسجد مهنئاً ببداية شهر رمضان المبارك، ونقل له أمانيه في أن يمضي المسلمون في فرنسا هذا الشهر المقدس في روح من التراحم والكرم اللذان يميزان هذا الشهر.

ولا زال المسلمون مصدومون من تصريح الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون): "الإسلام دين يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم"، وأنّ هناك حاجة إلى "تحرير الإسلام في فرنسا من تأثيرات الأجانب".

وغضبهم من قانون (مبدأ الحياد) في فرنسا الذي يكرّس العنصرية والتّمييز ضدّ المسلمين ويحظر على موظفي الخدمة المدنية ارتداء الرموز الدينية مثل الحجاب والتعبير عن الإسلام، في القطاعين العام والخاص للخدمات العامّة، ووضع قواعد أكثر صرامة على الأموال الأجنبية المرسلة إلى المنظّمات الدّينيّة في فرنسا، إضافة إلى السّماح للسّلطات بإغلاق أي دور عبادة لمدة تصل إلى شهرين من أجل وقف "دعاة الكراهية". 

الدانمارك:

تزداد نبرة العداء ضد المسلمين في الدانمارك، إذ تميز شهر رمضان بعودة الجدل بشأن الحجاب والمساجد، وحتى طريقة الصوم، وهو ما يظهر من اقتراح (إنغر ستويبرغ) وزيرة الهجرة والاندماج الدنماركية، بضرورة إعطاء المسلمين إجازة طيلة شهر رمضان، لكيلا يعرضوا حياة الناس للخطر، فالوزيرة المعروفة بمواقفها المعادية للهجرة والمسلمين تعتبر أن صوم شهر رمضان خطر على المجتمع.

الدنمارك قررت إلغاء تصاريح إقامة اللاجئين السوريين تحت ذريعة أن الوضع الأمني ​​العام في المنطقة في دمشق وما حولها قد تحسن.

وقامت حركة متطرفة ضد المهاجرين بنشر إعلان: 

 - بشرى سارة، يمكنك الآن العودة إلى سوريا المشمسة، بلدك بحاجة إليك.

ووجهت الأمم المتحدة، انتقادات إلى السلطات الدنماركية، لحرمانها لاجئين سوريين من تصاريح إقامة لاعتبار الوضع «آمناً» في دمشق، وأكدت المنظمة الدولية أن هذا الإجراء يفتقر إلى المبرر، داعية إلى عدم إعادتهم قسراً إلى بلادهم.

ألمانيا:

رغم الاستقبال الحافل الذي قوبل به اللاجئون في ألمانيا، إلا أن الشرطة الألمانية رصدت تزايداً في عدد الهجمات التي تعرضت لها مراكز إيواء اللاجئين. 

مع تشدد اليمين المتطرف بألمانيا ومطالبته بطرد المسلمين واللاجئين من أراضيهم.

ومع تصاعد الخطاب العنصري وجهت شخصيات معروفة في ألمانيا من بينها شخصيات دينية وقيادات نقابية ورياضية نداء يدعو إلى الانفتاح ومناهضة التعصب والعنف والكراهية، ومطالبة الرئيس الألماني (فرانك فالتر شتاينماير) المواطنين إلى الوقوف ضد الكراهية والعنصرية والتحريض على العنف.

 

Whatsapp