إبادة السوريين


 

 

عام 1990 ذهبت بزيارة سياحية إلى عدة مدن روسية، انطلاقاً من مدينة حلب إلى (أرمينيا - جورجيا - سوتشي - موسكو)، وكتبت عنها قصة (مدن تحتضر)، نشرت في مجموعتي القصصية الخامسة (صخب الرماد). 

اضطررنا إلى تأجيل عودتنا لأيام لعدم وجود وقود للطائرات بسبب الحرب الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان، وصلت مجموعة من الطائرات التركية إلى مطار (يريفان) الدولي تحمل الوقود والمساعدات الطبية والغذائية للشعب الأرمني.

بعد اعتراف العالم بالإبادة رحب الرئيس الأرمني الحالي (آرمين ساركيسيان) بالاعتراف، ولم يعترف بمساعدة تركيا لأرمينيا عام 1990

البرلمان الأوروبى: 

أصدر البرلمان الأوروبي عام 2015، قراراً يدعم مزاعم الأرمن واعتبرها "إبادة جماعية".

الرئيس الأمريكي (بايدن):

قال الرئيس الأمريكي (بايدن): مذبحة الأرمن التي ارتكبت على يد الإمبراطورية العثمانية كانت "إبادة جماعية".

 والكل يدرك أن الحديث عن إبادة حدثت قبل أكثر من مائة عام ومشكوك بصدقها هي لغايات سياسية وورقة ضغط جديدة ضد تركيا. 

فلماذا لم تعترف أمريكا بارتكابها جرائم إبادة جماعية ضد الهنود الحمر؟، واليابانيين في (هيروشيما وناكازاكي)، ومجازر قواتها في العراق، قبل أن تتهم الإمبراطورية العثمانية بمجازر أثبتت كل الوقائع التاريخية براءتها منها وعدم علاقتها بها.

تتذكّر أمريكا وأوربا أحداث بعد مرور مئة عام عليها!!، لسبب انتقائي وسياسي، وتنسى إبادة الشعب السوري.

 الإنسانية والأخلاق والحقائق والعدالة قيم سامية لا تتجزأ، وتذكر الحوادث التاريخية لأهداف سياسية أمر مقرف.

وكذلك تناسيهم المآسي والمذابح التي يتعرَّض لها الشعب السوري على أيدي العصابات الحليفة لإسرائيل (النظام- إيران وميليشياتها الطائفية- روسيا- ميليشيات العمال الكردستاني الإرهابية- داعش...الخ).  

ويزعم الأرمن أن أكثر من مليون ونصف عدد الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى على أيدي قوات الإمبراطورية العثمانية، ‏بينما الوثائق التركية تشير إلى أن المتعصبين الأرمن حولوا آلاف القرى إلى خراب، وقتلوا مئات الآلاف من المدنيين المسلمين وارتكبوا أبشع المذابح. 

الأرمن يستندون في قضيتهم على التاريخ الذي كتبوه هم لأنفسهم، بينما الأتراك يستندون على وثائق ومستندات.

أميركا وإسرائيل يعاديان الشعب التركي ويعارضان بشدة حصول تركيا على استقلالها وحقوقها وحماية مصالحها القومية والسياسية والاقتصادية، وتقدمها لتصبح قوة عظمى؟؟

خذلت الدول الأوربية وأمريكا الشعب السوري وعملت على الإبقاء على النظام المجرم الذي استعمل السلاح الكيماوي مراراً برغم التهديدات الامريكية والأوربية التي لم تنفذ، كما ساهمت بترك الروس والإيرانيين يدمرون سورية ويساعدون النظام على تهجير أكثر من نصف سكانها ويقتسمون ثرواتها، ويعملون على تحويل قضيتنا من شعب ثائر يطالب بحريته إلى شعب بين لاجئ ومهجر ولا زال الطاغية والقاتل دون عقاب.

لقد مرَّ على الثورة السورية ثلاثة رؤساء أمريكيين (أوباما - ترامب - بايدن) جميعهم كذبوا على الشعب السوري، وبمباركتهم حدثت المجازر في سوريا بفعل براميل الأسد المتفجرة وصواريخه الفراغية التي مزقت أجساد أطفال سورية ونسائها، والتي مازالت حتى الآن تنهمر على المستشفيات والمدارس والأسواق والأبنية السكنية، والقاتل مازال مدعوماً من قبلهم ويعمل وفق أوامرهم وتوجيهاتهم، ومازالت هذا المجازر مستمرة حتى وقتنا هذا.

لمَ العودة إلى تاريخ غارق وتجاهل حاضر ما زال دامياً؟

أخيراً:

عندما لجأ الأرمن إلى سوريا استقبلهم الشعب السوري بأخوة ومحبة، وقدَّم لهم إمكانيات البقاء، وتعايش معهم كأخوة وجيران، لكنهم تناسوا كل هذا ووقفوا ضد الشعب السوري وثورته، ودعموا السفاح الأسد بحجة حمايته للأقليات، رغم أنه وعائلته لم يكونا موجودان وقتها.

ربما علينا الانتظار مائة عام أخرى قبل أن يعترف الامريكيون والغرب بإبادة الشعبين السوري والفلسطيني.

 

 

صبحي دسوقي

رئيس التحرير

Whatsapp