الفنّان التشكيلي
الدكتور غازي الخالدي
غازي الخالدي اسم من أهم أسماء رواد التشكيل المخضرمين لغنى تجربته بالتحولات والتنوع. ولد الفنان غازي الخالدي في دمشق -جادة التكريتي عام 1935 ونشأ وسط أسرة عريقة محبة للفنون والآداب. كانت والدته أول من شجعه واهتم بموهبته حتى أنها أقامت له معرضا تشجيعيا في منزلهم في حين لم يتجاوز غازي سن الخامسة عشرة من عمره، حضر إلى المعرض عدد من الفنانين المهمين آنذاك من أمثال محمود جلال وعيد اليعقوبي وغيرهم. شجعه أيضا خاله الفنان فريد زنبركجي وأهدى له علبة رسم للألوان الزيتية كان قد جلبها معه من مدريد. بقي غازي الفتى يرتاد مرسم خاله ليعرض عليه رسوماته مصغيا لملاحظاته ونصائحه. كانت خمسينات القرن الماضي فترة ازدهار وتطور كبير للحركة التشكيلية السورية، في هذا الوسط الفني والثقافي النشط أتيحت الفرصة أمام الخالدي لدراسة الرسم والتدرب على يد أهم الفنانين من أمثال رشاد قصيباتي ومحمد عاقل وعبد الوهاب أبو السعود. في نهاية العام 1957 سافر غازي الى مصر لدراسة الفنون في كلية الفنون الجميلة -جامعة القاهرة، تخرج منها بدرجة جيد جداً في العام 1962. لاحقا بعد سنوات طويلة نال الخالدي درجة الدكتوراه في علوم الفن من الأكاديمية الملكية -لندن عام 1996.
شغل الفنان غازي الخالدي خلال حياته مناصب عدة فقد كان عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للفنانين التشكيليين عن الشرق الأوسط في الاتحاد الأوربي، أستاذ لمادة علم الجمال في المعاهد العالية للفنون المسرحية والموسيقا والباليه. أقام الكثير من المعارض الفردية وشارك في العديد من المعارض الجماعية في سوريا وغيرها من الدول العربية والغربية. دعي لإقامة معرض عالمي في باريس يضم مجموعة من أعماله ليتم ترشيحه الى جائزة اليونسكو عام 1992. كان عمله (بيت دمشقي قديم) أول عمل عربي يدخل متحف البرادو في إسبانيا.
أما فنيا فقد كانت العمارة الدمشقية والبيئة السورية الأصيلة وألونها الحارة دائما هي الزاد الذي تقتات عليه مخيلة الخالدي في جميع مراحل تطوره الفني فقدم الكثير من اللوحات ذات الموضوعات التراثية، وصاغ لغة فنية رمزية محلية بعيدة عن التـأثير الأوربي لتظهر عناصر كثيرة كالمرأة والخيل بكامل حيويتها وشرقيتها الأصيلة متوهجة بألوان ذات هوية محلية. رغم وصول الخالدي تقنيا إلى حدود بعيدة في الغاء الخط وتبسيط الشكل واستواء لوني في مساحات متجاورة وغيرها من التقنيات الفنية الفريدة التي تميزت بها أعماله، بقي مخلصا للواقع والصورة كمادة يستمد منها موضوعاته.
رحل الدكتور الفنان غازي الخالدي بشكل مفاجـأ عام 2006 وهو في أوج عطائه ونشاطه ليغيب عن المشهد الثقافي السوري والعربي بعد تجربة حافلة بالكثير من الأعمال الفنية والعديد من المؤلفات في الفن والأدب والتاريخ والتراجم.
يسر عيّان
كاتب سوري