الموتى لا يحكون قصصاً ولا يتكلمون!! هل يشرح لنا أحدكم كيف عاشوا وماذا فعلوا خلال هذه السنوات، بالنسبة للحياة والممات؟؟
لأن التاريخ يكتبه الأقوياء، يكتبونه بما يناسب الزعماء، وإن كان بعضه صحيحاً يحوره من أتى بعده لصالح المختار، تصور قد يكتب يوماً أن الذين هاجروا من سوريا فروا بسبب قلة الماء!!، وإن المعتقلين هم كانوا السبب الرئيسي بانقطاع الماء!، فاعتقلتهم الدولة وعذبتهم بشتى الأساليب ليعترفوا أين خبأوا الماء وكيف حولوا الأنهار وجففوا الينابيع والآبار!، ويبررون قتلهم للأطفال بأنهم امتداد لهؤلاء الأشرار، أما النساء فقد أسرفوا كثيراً وسقوها لأطفالهم الأبرياء.
منذ صغرنا قال لنا الكبار إياكم الإنصات للغرباء، سيبثون السموم في آذانكم ويزرعون العلقم في عقولكم، ما تعلمناه في الصغر لم نستفد منه عند الكبر، عرفنا أنهم يعملون على تفرقتنا وحثنا على البقاء بجهلنا وتصديق الشعوذة والخرافات، وأن كل عاداتنا السيئة هي جميلة وتراث، علينا الحفاظ عليه من الضياع، لنحمي أنفسنا من هذا الضياع فليس كل ما ينطق به التلفاز أمر مطاع، لننبذ غرورنا ونتكئ على أنفسنا ونختار مكاننا الصحيح، وفي الأماكن المخصصة لنا، نختارها بحكمة فكل منا عليه أن يطالب بمكانه الحقيقي، المعلم بصفه والفلاح بأرضه والطبيب بعيادته، لا وقت لإهداره، لن ندع الخوف يردعنا ويلجمنا بل يوقظنا لنرى ما يرسمه لنا القدر، الأمر منوط بمدى استعدادنا لهذا العمل، فالذكاء هنا هو الالتزام، نتابع التنفس ونستمر به بالرغم من كل المشاعر المؤلمة في أعماقنا، ومالم تتم محاولته فليحاول مراراً وتكراراً، إنه نظام وإن لم يوجد بالبلدان نظام!
ثمة زلة بسيطة بين الكوب والشفة، قد تظهر صورنا للعالم بأننا جميلون، لكن الواقع لا، لا يعلمون ما بداخلنا من فنون، كما الحقيقة لا تبدو سيئة جداً عندما تثملون! إياكم ولصوص الحقوق فهم أقذر أنواع اللصوص، أصبح الكذب عملة يتداولها العالم، إذ لا يوجد بطل عملاق نحرق الأرض من أجله، هذا الوغد صنيعة عالم كاذب يصنعون الأسلحة من لقمة عيشنا وحليب أطفالنا، ليبيعوه لجلادينا ويقتلوننا به ويقولون هي لعبة القدر، ويرددون هذه ضريبة الحضارة، شعور غريب ينتابنا منكم، انفصال، انشقاق، تمزق انحطاط، انتكاسات، كل هذه الأمور جعلتنا نؤمن بالفاجعة والشعور المرير وغليان البركان في العروق، بأي حق يهدر دم الإنسان، ويختفي قوس قزح ليتوارى في غيبوبة الصقيع، تحت سحابة كبيرة تتبختر بمطر الألغام، فتنة عصفت بقلوب انفطرت وحلق الموت معلناً الانتصار.
سلاماً على من صمت وبداخله مدن من الكلام، سلاماً على من يمتلكون براءة القلوب، سلاماً على من فاحت دمائهم وغطت على كل الزنابق والأزهار، الحزن غطى الآهات المتناثرة واختنقت صرخات الغضب، علينا أن نحدث القليل من الضجيج لنحصل على ما نريد، لن نسمح بأن يتمكن منا الاستياء وتجافينا المشاعر، لنجد يقيننا كمحار يضيء الكون بكل الألوان، نجوب به البحار ونرتقي على شرفات القمر ونبحر في مراكب الأحلام، ارحل أيها الحزن وانحني يا سماء لترفعي عنا كل البلاء، الدنيا لن تدوم فحياتنا لحظة ترف، لنتمسك بالحياة من فرط روعتها فرحيلنا عنها أبكر من اللازم، أنا عن نفسي أحب نجوم السماء ورمال الصحراء وكل النهايات السعيدة.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة