لن أذهب إلى الحرب


 

لن أذهب إلى الحرب 

سأختلق عشرات الحجج في كل موعد معها 

سأقول نسيت 

أو كنتُ مشغولاً بصبيةٍ لا تتكرر إلّا في الروايات 

ومرات سأقول 

كنت في الطريق إليك 

لكنني نسيت مفتاح البيت 

ولمّا عدتُ لم أر البيت  

رأيت غرباء يشربون الشاي في الصالون 

يتفرجون على ألبومات صورنا 

وسامة أمّي 

جدائل أختي

وصمت أبي 

ورأيت مدرعة أمام الباب 

خوذة خلف شبّاك غرفتي 

ورأيت ساعي البريد يرمي الخيبات 

في صندوق بريدي

في كل موعد سأخذل الحرب

كما خذلتُ حبيباتي  

سأقول لها أنا في الطريق إليكِ 

بينما أكون في الحديقة أتأمل الشقراوات  

ومرات أخرى سأقول 

لم يوقظني رنين المنبه 

صار ثقيلاً نومي منذ أعوام 

كأن الأرض كلها تنام في رأسي 

في كل مرة سأخدع الحرب

عندي آلاف المبررات  

سأتركها تنتظرني 

في الحديقة العامة خلف تمثال الحمداني 

وسأراقبها من مبنى البريد 

وهي تنتظرني على المقعد 

حتى يحل الظلام 

وحينها سأعرف أن الخدعة نصفي كل حرب 

لن أذهب إلى الحرب 

خدعتُ خمس نساء جميلات 

وكلهن صدقن أعذاري 

قلت لكل واحدة منهن أنت نجمتي الشاردة 

وتركتهن ينتظرن على المواقف 

ولم أحضر 

قلت لهن أنا في المشفى 

وصدقن كلامي 

وكنت أخونهن مع حبيبة قديمة 

ولا واحدة منهن عَلِمت بأنني واقع

في حب مدينة 

أستطيع أن أخدع الحرب 

وستصدقني كامرأةٍ واقعة في الحب

سأقول: مريض أنا يا حرب 

عندي سكر في القلب 

وزائدة في الحنين 

ومرارة في الذاكرة 

وسيلان في العينين 

عندي زهايمر في العلاقات 

وصداع في الهوية

لذلك لن أذهب للحرب 

لكنني سأتسلى بها 

وسأضحك في كل مرة وهي تنتظرني 

وأنا أبحث عن المبررات 

سأقول سافرت في رحلة صيد

وضعت خلف غزالة في (آرارات) 

أو أقول سحبتني سمكة إلى الفرات 

وحين جفَّ ألتقطني غراب أبيض 

أو أقول 

أمي مريضة وأنا في رحلة البحث 

عن الدواء 

أمي مريضة يا حرب 

ولم أعثر على الدواء.

 

 

محمد سليمان زادة

شاعر وكاتب سوري

Whatsapp