دأب نظام الإجرام الأسدي، ومعه حلفاءه المحتلون للجغرافيا السورية، روسيا وايران، ومنذ توقيع الاتفاق البروتوكولي الأخير بين تركيا وروسيا بما يخص إدلب في 5 آذار/ مارس 2020. على متابعة الخروقات اليومية لذاك الاتفاق، ومن ثم تصاعد الفجور في عملية انتهاك مستمرة لبنود الاتفاق، في محاولة واضحة لتهجير ماتبقى من السكان السوريين باتجاه الشمال، بعد أن هُجر قبل ذلك ماينوف عن مليون إنسان سوري مدني، منذ هجومه الإجرامي على ريف حماة، وريف إدلب، وأيضًا ريف حلب واللاذقية، وهو الذي أدى كذلك إلى قضم قرى كثيرة، وبعض المدن أهمها معرة النعمان، وخان شيخون، وسراقب. لكن يبدو أنه وفي هذه الجولة الجديدة من القصف المتواتر، وإبان انتخاباته الرئاسية المزعومة، مازال في حالة همجية جديدة، من الممكن فيما لو صمت المجتمع الدولي عن أفعاله، العمل على قضم المزيد من الأرض السورية، والمزيد من التهجير القسري للسكان، وهو يمارس سياسة الأرض المحروقة، بما يقوم به من حرق للمحاصيل الزراعية في سهل الغاب، وبعض ريف جبل الزاوية.
حيث أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قصفاً صاروخياً مكثفاً نفذته قوات النظام خلال الأيام الأخيرة مستهدفة مناطق بليون والبارة والفطيرة وسفوهن وفليفل وبينين ومحيط كنصفرة والرويحة ومعراتا، في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ومحيط قرى وبلدات «قليدين والزيارة» بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، ما أدى إلى وقوع شهداء، وحدوث أضرار مادية كبيرة في الممتلكات والأراضي الزراعية ومحاصيلها من جراء القصف.
وإذا كان النظام السوري السارق للوطن السوري، يفعل مايفعل من خلال طبيعته الإجرامية المعروفة، وإمكانياته الطاغوتية الاستبدادية المعروفة، إلا أن ذلك ماكان من الممكن أن يحصل لولا الدعم الروسي الكبير الذي يتلقاه، وكذلك دعم قوات الحرس الثوري الايرانية، والميليشيات الطائفية التي استقدمها، ليعيد قيامة نظامه المنهار منذ عام 2013. حين توسل الاتحاد الروسي وبوتين، برسالته المشهورة، ليأتي الجيش الروسي أواخر أيلول/ سبتمبر2015 من أجل حمايته من المعارضة، التي وصلت في حينها على بعد 3 كيلو متر من قصر بشار الأسد الرئاسي.
ولنقل أكثر من ذلك، فإنه لولا الصمت الدولي،(والصامت شريك)، الذي نشهده في المسألة السورية، في وقت يعلم الجميع أن هذا النظام قد دمر ماينوف عن 65 بالمئة من البنية التحتية السورية، وزج في سجونه ومعتقلاته أكثر من 900 ألف معتقل سوري ثائر ضد نظامه، وهجَّر قسريًا بين الداخل والخارج أكثر من نصف الشعب السوري، كل ذلك وأكثر منه، ومايسمى بالمجتمع الدولي، والإدارات الأميركية المتتابعة، تترك الشعب السوري يلاقي الويلات، على يد هذا النظام، وهذه العصابة، ويتخلى الكثير ممن كانوا يسمون أنفسهم أصدقاء السشعب السوري عنه، ويصمت معظمهم عما اقترفت أيدي النظام الأسدي المجرم، من مجازر وقصف بالكيماوي، وليكون التفاهم الروسي الأميركي على أمن إسرائيل وحدود إسرائيل الآمنة، هو الأهم والأبقى، ولا قيمة لشعب سوري كبير وعريق وتاريخي، في أن يتعرض للمقتلة الأسدية، وبدعم روسي إيراني فاقع وواضح، والعالم مازال فاغرًا فاه، لايؤتي أي أكل ايجابية، ثم يعاد تدوير الأسد مرة جديدة وبمهزلة انتخابية مضحكة مبكية في نفس الآن.
كما يترك مصير إدلب اليوم ليعبث به نظام / العصابة الأسدي، دون وازع من ضمير إنساني أو أخلاقي، ولا مصلحي، حيث يبدو المشهد السوري في إدلب وما حولها حَمَّال أوجه، وقابلًا لمزيد من العنف والقصف والتهجير، ومزيد من الانقضاض، عبر مصالح روسية منفلتة من كل عقال، حيث لايبدو أن اجتماعات بوتين/ بايدن ستفيد السوريين كثيرًا، بل هناك ماهو أكثر مصلحة للأميركان من المسألة السورية، المُتخلَّى عنها، والمتروكة للعبث الروسي الإيراني، بعد الاقتراب كثيرًا من إنجاز إتفاق أميركي إيراني نووي مستجد بين الطرفين، على حساب الشعب السوري والشعوب العربية المقهورة في المنطقة، أمام عجز واضح للنظام الرسمي العربي المتهالك، لفعل أي موقف جدي يوقف اللعب بواقع السوريين، والعبث بمصائر أهالي إدلب والشمال السوري. فهل نشهد تصعيدًا دمويًا تهجيريًا جديدًا في إدلب وما حولها؟ وهل يمكن أن يكون هناك أي موقف إقليمي أو دولي يحول دون ذلك؟ أسئلة كثيرة مابرحت برسم المستقبل القريب للسوريين، وخاصة في إدلب والشمال السوري، الذي يعاني مايعاني جراء العدوان المتواصل من قبل العصابة الأسدية، والدعم الروسي الايراني الفارسي الطائفي اللامحدود.
أحمد مظهر سعدو
رئيس القسم السياسي