عن انتخاباتهم 



 

أخذت الجرعة التاسعة عشر من لقاح أتعبتمونا وأشعر بصداع، على التلفاز من محطة لمحطة تدور أحداث مسرحية الفيل يا ملك الزمان.

نريد فيلة نريد المزيد، هذا الفيل لا يكفينا.

شاهدت مقطع فيديو فيه شبان يهتفون (الله الله الله بشار هو الله). 

وفي مقال للصحفي الألماني (بورن يوشكا) كتب أن أحد السوريين في دمشق قال للمحطة الألمانية أن الله سينتخب بشار.

الآن لا أفكر بشيء سوى بجرعة زائدة من مضادات القهر، والأمر الآخر هو كيف سيعيش أطفالنا مع أطفالهم هؤلاء الذين يعبدون كائناً سيموت يومأ ثم سيعبدون كائناً آخر.

لا أشعر بأية أعرض وللمرة التاسعة عشر تأخذني رائحتكِ إلى سماواتٍ بعيدة، لا شيء يعيدني إلى الأرض سوى هذا التلفاز اللعين، أريد أن أراكِ أنت وسأعطيكِ كل أصواتي، سأبصم بالدم لكِ ليس لأنني أحبكِ ولا لأنكِ جميلة فكلُ النساء جميلاتً، لكنني سأعطيكِ صوتي لأن عصافيرك هي التي تنقر على حبال حنجرتي. 

في التحليل المخبري الأخير اكتشفت أنني لا أملك كريات دمٍ بيضاء، قال لي الطبيب أن كريات دمي كلّها حمراء وهناك مجموعة عسلية اللون، أعتقد أنها انعكاسات عينيك في روحي.

أفكر بجدية لو أنكِ لست هنا لكنتُ أنا الآخر لستُ هنا، أو لكنتُ شيئاً آخر، تلفازاً ميتاً.

سئمت الاستمرار في سماع الأخبار، الحرب، الجوع، وكوفيد تسعة عشر، وضعت الكمّامة وغسلت يديَّ، غسلتهما عشرات المرات. 

غسلتُ يدي من السنوات السبع القادمة، وغسلتُ يدي من الوطن والدروب المؤدية إليه. 

غسلتُ يدي من العالم ومن التلفاز، وغسلتُ يدي منكِ بألم.  

ستظلين جدل الوجود لستِ هنا، لستِ هناك ولستِ في أيَّ مكان لكنكِ موجودة.

وغسلتُ يدي من هذه البلاد التي أعيش عليها، لا شيء يعنيني فيها سوى الغابات وروافد الأنهار وأنت التي كنتِ هنا.

اسمعيني الآن فقط، الآن أنا مثلكِ لا وجود لي، لقد مزقوا الأوراق الثبوتية وشهادة ميلادي، أصبحت أرخص من ذي قبل، لا وطن لي، لا اسماً، ولا الذكريات لي وأنت لستِ موجودة كإحدى أميرات الروايات. 

لا شيء بعد الآن سيعيد لي حقي من الضياع، وهذه البلاد لا تكتب أسماء الآباء والأمهات على بطاقات الأطفال، تخيّلي حزني وأنا أقلّب بطاقة طفلتي ولا أثر لي فأعود لبطاقتي السورية وأتذكر اسم أبي عليها واسم أمي لكنهم مزقوها وأعطوا اسمي للدخلاء.

هل تريدين صداعاً آخر، تعالي فأنا لم أعد أخاف عودتكِ ولا رحيلكِ، أخاف فقط ان تكتشفي يوماً بأنكِ أحببتِ رجلاً هشاً توقعهُ عطسة، وجهازه المناعي معطّل بلا كريات بيضاء، قال الطبيب إنها عسليّة اللون وقلتُ له لون عينيك، ضحك الطبيب وضحكتُ أنا ثم تذكرت انها ليست ضحكتي أنا فمنذ سنين وأنا اشعر بأنني تلفاز لا أكثر وهذه الضحكات ليست لي.

 

 

محمد سليمان زادة

شاعر وكاتب سوري

 

Whatsapp