ما بعد "الأمل بالعمل": سورية إلى أين ؟؟


أعادت الانتخابات الرئاسية السورية خلط أوراق المشهد السوري داخلياً وخارجياً بعد توقعات لمعارضين ومراقبين بأن تترك آثاراً سلبية على الجهود السياسية التى تسعى لإنهاء الحرب الدامية في سورية.

على المستوى الداخلي شكلت الانتخابات انقساماً بين المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري والمناطق الخارجة عن سيطرته فالمعارضة السورية والمناطق التي تسيطر عليها رفضت المشاركة بالانتخابات تماماً ووصفتها بالهزلية وهو ما جعل عدداً كبيراً من السوريين خارج المعادلة الانتخابية تماماً.

خارجياً ظهر الرفض الدولي الواسع بالإعتراف بشرعية هذه الانتخابات بالرغم من مساعي النظام وحلفائه لتسويقها باعتبارها خطوةً لتجديد شرعية بشار الأسد ونظامه.

 فكلاً من الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا وألمانيا وإيطاليا أصدروا بياناً مشتركاً في شأن الانتخابات السورية أكدوا فيها بأنهم لن يعترفوا بنتائج الانتخابات مالم تكن تحت إشراف الأمم المتحدة وفق القرار 2254 ويرون بأن هذه العملية الانتخابية هي مجرد وسيلة لتسويق الأسد وشرعنة نظامه لا أكثر.

لأجل ذلك رأى معارضون سوريون بأن الانتخابات التي أُجريت ستزيد من الانقسام من أجل الحل السياسي على الصعيدين الداخلي والدولي وستضع المزيد من العقبات في طريق أي مفاوضات سياسية بل ويعتقدون بأنها قد تساهم في نسف العملية السياسية بشكل كامل لكن في المقابل روسيا وحلفاء النظام السوري يرون بأن فوز بشار الأسد سيفرض على العالم التعامل معه من جديد بما يجعل سورية أقرب للخروج من أزماتها.

اليوم وبعد أن أجريت مسرحية الانتخابات السورية وفاز بها بشار الأسد بفترة رئاسية رابعة بنسبة 95% بالرغم من عدم مشاركة أكثر من 13 مليون سوري مما يؤكد عدم نزاهة هذه الانتخابات عكس ما ادعى النظام السوري بأنها أكثر انتخابات مرت على سورية تتسم بالنزاهة والشفافية فإن السؤال الطبيعي الذي يطرحه معظم السوريون اليوم سورية إلى أين داخلياً وخارجياً بعد الانتخابات 

وإن كانت جميع التقديرات الحالية المتعلقة بالملف السوري تؤكد عدم حصول تغييرات وتطورات مهمة في القريب العاجل فنتائج الانتخابات لم تؤثر على السوريين المقيمين خارج سيطرة النظام السوري بل أثرت بشكل سلبي على المقيمين في مناطق سيطرة النظام السوري فالواقع يقول بأن النظام السوري لن يغير طريقة تعامله مع السوريين الذي اعتاد عليها خلال السنوات الماضية من قتل وتهجير واعتقال بحقهم والعكس هو المتوقع بأن فوز الأسد سيزيد من النظام السوري شراسةً مما يجعله يرتكب المزيد من الأعمال الوحشية.

أما عن الأوضاع المعيشية والاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري فإن نتائج الانتخابات لم تغير أي شيء من الواقع المرير الذي يعيشه السوريون حيث شهدت معظم المناطق السورية في الآونة الأخيرة أزمة اتصالات وكهرباء خانقة خاصةً في دمشق وحلب أطلق بعدها السوريون المقيمين في مناطق سيطرة النظام هاشتاغ بعنوان (أوقفوا قطع الكهرباء) وارتفع أيضاً سعر البنزين في مناطق سيطرة النظام الذي يعاني من نقص حاد في المحروقات ليرتفع البنزين غير المدعوم بنسبة 20% ليصبح الليتر الواحد 3 آلاف ليرة سورية بعد أن كان 2500 ليرة. وهناك توقعات من إعلام النظام بأن يرتفع أيضاً سعر المازوت بنسبة 100% .

أزمات يعيشها السوريون كل يوم لم ولن تنتهي في القريب العاجل كما روج لها النظام السوري قبل الانتخابات والعكس أيضاً هو المتوقع فلن يستطيع النظام فك الحصار دولياً عنه مع استمرار عجزه في تأمين المحروقات والمواد الأساسية فالوضع المعيشي تفاقم أكثر بعد الانتخابات الهزلية في سورية وأصبح الشعب يواجه جحيماً معيشياً غير مسبوق. 

الأيام القادمة ستشهد أزمات جديدة في الوضع المعيشي لاستمرار عدم وجود حل للصراع السوري مع عدم وجود أي حسم عسكري لأي جهة ماعدا طموحات الأسد وحلفائه في فرض بشار الأسد على العالم الذي يقابله صد دولي مجمع في عدم قبول النظام السوري. 

وكما هو واضح فإن نتائج الانتخابات السورية لن يكون لها أي تأثير حقيقي جاد ولن تؤدي لحصول تغيير فعلي على الواقع السوري فالمعادلة الجديدة لن تختلف عما سبقها بكثير لكن تؤكد استمرار النظام السوري بالسيطرة على سورية مدعوماً من إيران عسكرياً ومن روسيا سياسياً ومعارضة مفككة رهينة لدول كثيرة مع غموض وعدم جدية حسم الملف السوري بالنسبة للغرب وغياب الدور العربي بالكامل عن المشهد.

مستقبل غامض يطغى على الشعب السوري الذي مازال يعاني لليوم من نظام متوحش مستبد فشعار الأمل بالعمل الذي كان مرافقاً لبشار الأسد في الانتخابات الهزلية تبخر سريعاً مع صدور النتائج الذي ضحك بها على مؤيديه. ألم يكن من الأفضل لبشار الأسد تأمين رغيف الخبز لشعبه بدلاً من الشعارات الرنانة الكاذبة لهم؟

 

 

آلاء العابد  

كاتبة سورية

Whatsapp