قطز في عين جالوت


 

 

لهف نفسي على بلاد المسلمين

كل بلدة كل قرية وراء السور دامية المحاجر

أحاط بها وحشٌ راعف الأنياب كافر

بعث الطاغي هولاكو الى أمير المسلمين

سلم لنا أموالكم ونساءكم وشيوخكم ورجالكم

سلم لنا كل البلاد وما حوته من منافذ وقلاع وحصون

وإذا أتتك رسالتي أسرع بردّ جوابها

قلوبنا كالحبال وعديدنا مثل الرمال

أسرع وإلا سوف نقتحم البلاد ونجعلها خرابا ورماد

قرأ الرسالة قطز واستشار الأمراء

اختلفت آراؤهم ما بين تسليم البلاد أو خوض حرب

وكان فصل الرأي لشيخ المسلمين العز ابن عبد السلام

يا أمير المسلمين سنخوضها حرباً عوان

لا لن نسلم ذرة من تراب المسلمين 

لا والذي رفع السماء

قتل الوفد المؤلف من الطغاة المجرمين

وأبقى واحداً منهم وحمّله الرؤوس هذي رسالتنا إليك 

بلّغ الطاغي اللعين بما سمعت وما رأيت

ارتاع هولاكو وأقسم سوف يسحق كل حيّ في بلاد المسلمين

زحف الطاغي بجيشه يقتل الشيخ والطفل الرضيع

كالنار تسري في الهشيم كالداء والطاعون يسري في الهواء

والتقى الجمعان في عين جالوت واربدّ السديم

اقتحم الطاغي مقدمة الصفوف فتضعضعت وتراجعت 

وأحدث الطاغي بزحفه العاتي الكبير وبمكرٍ ودهاء

ثغرة في صفوف المسلمين

قطز يا ليث الحمى أتنوء بالخطب الجسيم

شق الصفوف واصبر واستعن بالله فالنصر من عند الإله

صال في حومة الساح وجال فأصيبت فرسه فترجل

الله أكبر دوى صوته الله أكبر عالياً يطوي البعيد من المدى

ويشق أرجاء الفضاء 

فتقهقر جيش هولاكو وولى مثقلاً في كل ساح

وانتهى المستأسد الباغي وقد القى السلاح

وأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم

وضيقوا عليه الخناق وأحسّ هولاكو بالخطر الداهم

وسيوف المسلمين مشرعات كالنجوم تتغاوى

وقتلى من جنود هولاكو تملء الساح بمئات ومئين

ونداء يبعث العزم والقوة في صفوف المسلمين

لا تبقِ أثراً لهم واحصد مغول البغي حصدا

ويظل الخامس والعشرون من رمضان

فتحاً وانتصارا 

وهدىً من الله تعالى وصراطاً مستقيم

ونسائم عند الصباح هفوفها في ذلك اليوم العظيم 

ورفيفها على جباه المسلمين مسك وعنبر 

وانجلى الكفر عن النصر المؤزر ومشت رياح الارض تطوي بلاد المسلمين 

أغنية النصر على شفة القرون 

أمثولة الإباء للأبناء جيلاً بعد جيل

غدر المماليك بقطز وبسيف طعنوه فهوى جبار العزائم سيّدا 

صاحت زوجه الأميرة عائشة وازوجاه

قال لها وهو يلفظ انفاسه لا تقولي وازوجاه وقولي وا إسلاماه

الم ينتصر الإسلام والمسلمون 

يا عائشة ردي عليه رداءه وقبلي منه الجبين

ما مات من شق الدجى بيمينه وأضاء في حلك الظلام سبيلا

للتربة العطشى دفيق دمائه كرمت به سيلاً جرى ومسيلا

بين عينيه تتلى سورة الفتح وسورة النبأ العظيم

نم متفيئاً ظل الجنان وفي القلوب مخلدا

قطز يا انشودة النصر على ثغر القرون 

سيظل نجمك ساطعاً في بلاد المسلمين 

وحديث العالمين.

 

 

عاصم فرجاني

شاعر وكاتب سوري

Whatsapp