يقول غدي في الفنجان
ستبقى وحيداً
برجي يقول
لا امرأة في الأفق
والعرَّافة قالت قبل عشرين عام
ستتقاطع الدروب أمامك
وسَتهلَك
بائعة الحليب قالت لأمي وأنا طفل
هذا الولد لا يشبه أخوته
إنه نحيف جداً
كغصن خيزران
أذكر أن أمي صحَّحت لها
(غصن ريحان) يا أمُّونة
غصن ريحان
ما من أحدٍ قال يوماً بأنني
أصلح لشيء
أيَّ شيء
حتى في أن أسند دفَّة الباب
ليغادر الضيوف دون عناء
(قالها لي أبي)
والنسوة اللواتي مررن في حياتي
بخفة الطير وقفزة الغزال
لم يتركن شيئاً وراءهن
سوى النصائح
وبرنامجاً مليئاً للطعام
آخر امرأةٍ تركتني
لم تعد تسألني عن وزني كما في السابق
لهذا فقدت خمس كيلوغرامات
من البهجة دون أن أنتبه
نحيف
نحيف
سمعتها كثيراً
حتى في نومي
ورأيتني في حلمٍ قديم أنكسر
(كيف سيصير رجلاً وهو يفقد استقامته من ثقل تنكة زيت)، قالها عمَّي لأبي وكان يقصدني.
نحيفٌ أنا
وضعيف ومائلٌ كبرج حجري
لهذا لم أقوَّ على حمل حقيبتها
لم أحمل في حياتي شيئاً سوى عزلتي
لكنني ريحانة أمي
تراني طويلاً، ناصحاً، كبيراً
وتنتظر أن يتحرَّك القمر من خلف إبهامي
تراني بكامل همومي غصن ريحانٍ يزهر
الغصن الذي قفزت من فوقه الغزالة
وكسرته فراشة
لم يبقَّ للغابة معنى
صارت مصيدةً للنار
الذئاب اكتشفت سرنا فهربت
وليلى ماتت سعيدة
أمَّا جدتي
فلم تقل لنا شيئاً عن قطاع الطرق
لكنها حذرتني...
لا تلحق بامرأة
حتى لو قالت لك
عندي عسلٌ في البيت
وعشبة الخلود
لم يبق للحكاية مغزى
صرتُ ذئباً أنهش ذكرياتي
الصور فرائس
المواعيد والرسائل
والكلام الذي قلته لكِ
وأنتِ تبتعدين سنيناً
بقفزة غزال
كيف نجوتِ والغابة وأنا نحترق
كيف ابتعدتِ وأنتِ شجرة
وأنا غصن ريحان لا أكثر
قفزت من فوقه الغزالة
وكسرته فراشة.
محمد سليمان زادة
شاعر وكاتب سوري