العدالة والإنتماء


 

لعل مقولة ( العدل أساس الملك) وهي جملة نراها منمقة وموضوعة في قاعات المحاكم والمكاتب القانونية والمشتغلين في مجال القانون، فإن الكثيرين لا يعرفون معناها أو مدلولها الحقيقي والعميق. نعم العدل أساس الملك ويقاس تقدم ورقي الأمم بمدى تحقيق العدالة على أراضيها وتقاس طرديًا، بمعنى أنه كلما حققت الأمة العدالة وتحقيقها هنا بتجرد ودونما انحياز أو اختلال نابعًا من أي توجه سياسي أو عرقي أو أيديولجي..الخ، كلما تقدمت الأمة وتطورت وربما سادت، والعكس تمامًا هو الصحيح، وأى أمة في ذيل التطور تكون بالضرورة في مقدمة الظلم وعدم تطبيق القانون على الجميع.

لا  يتحقق مفهوم العدالة فقط بإعطاء كل ذي حق حقه. لكن يجب أن يقتص القانون أيضًا من الظالم. ليس هذا فحسب. بل وبأسرع وقت ممكن. لأن العدالة البطيئة والعرجاء ستكون الظلم بعينه، لأن صاحب الحق يكون قد مات من طول الوقت، وربما ينسى حقه أو يتنازل عنه لمجرد المماطلة، وفي الوقت نفسه يؤدى ذلك إلى مساعدة الظالم في طغيانه وتماديه في هذا الطغيان فتفقد العدالة الهدف المرجو منها.

أما إذا ساد العدل ربوع الأمم وساد القانون قوته وأصبح فوق الجميع دونما تمييز. شعر المواطن بالانتماء لبلده ووطنه وأمته. وشعر بملكيته لكل شبر على أرضه وساعد مع المجموعة الوطنية في تطور الأمة كل وفق موقعه وإمكاناته بل وساعد العدالة ذاتها في ترسيخها والإيمان بها والعمل عليها لتحقيقها لنفسه ولمن حوله ولأمته، وهذا بالفعل ما نصت عليه الشرائع السماوية وأكدت عليه التجربة الإنسانية. وهناك علاقة وطيدة بين العدل والانتماء، اللذان يتوصلان حتمًا إلى تحقيق التقدم والرقي للجنس البشري والإنساني.

 

 

يوسف المطعنى

كاتب ومحامي مصري

Whatsapp