الفنّان التشكيلي
أسعد زكاري
(1930-2020)
يسر عيّان
كاتب سوري
كانت بدايات الفنان أسعد زكاري في مدرسة اللاييك في دمشق عندما طلب منه مدرس مادة الرسم تقديم إحدى لوحاته المدرسية كهدية له ناصحا إياه متابعة مشواره الفني وصقل موهبته، أحسّ أسعد اليافع بدافع أكبر للرسم بعد تشجيع مدرّسه الفرنسي له. انتقل إلى مصر لدراسة الهندسة المدنية في جامعة الاسكندرية إلا أن شغفه بالفنون دفعه للبحث عن مكانٍ يمكّنه من دراستها الى جانب الهندسة فانضم الى مرسم (سيف وانلي) عام 1953 لدراسة التصوير الزيتي. عاش معظم حياته خارج سوريا في مصر وأوربا وأمريكا إلا أنه بقي وفياً للشرق وللبيئة السورية مستقيا منها مواضيعه وقوة ألوانه. أخذه شغفه بالفنون الى قراءات ودراساتٍ شتى حول تاريخ الفن ومدارسه وتطوراته في مختلف أنحاء العالم.
تمتاز تجربة زكاري بالغنى حيث إنه من الفنانين القلائل الذين حرصوا على دراسة مختلف المدارس الفنية والتأثر بها بدءاً من الانطباعية ومروراً بالوحشية والتكعيبية والسريالية وصولا للتجريد وما بعد الحداثة. ساعدته دراسته للهندسة على تطوير ذكاء بصري فريد والوصول إلى أداء فني مميز. استرعى اهتمامه فن المنمنمة الإسلامي فتأثر بالواسطي (فنان عباسي) يعتبر مؤسسا للمنمنمة العراقية كما تأثر بأبي صبحي التيناوي ومنمنماته الدمشقية فقدم عنترة وعبلة والزير سالم وغيرها من الشخصيات الملحمية الشعبية بأسلوب جديد جمع فيه الكثير من فنون الشرق وزاوجها على خامات مختلفة لتعج اللوحة بزخم كبير من الحروف والرموز مشكلة خلفية لأبطال الملاحم الشعبية في مشاهد فريدة تختزل الشرق وما فيه من رموز وألوان ملتهبة تلامس قلوب وأبصار متفرجيها.
شارك الفنان أسعد زكاري في الكثير من المعارض المحلية والعالمية غير أنه كان لمعرضه الفردي الأول الذي أقامه في المتحف الوطني في مدينة دمشق عام 1956 صدى واسع في الوسط الفني لما قدمه من روح جديدة لم تكن مـألوفة للذائقة الفنية السورية آنذاك. ساهمت إقامة الفنان زكاري خارج القطر في جعله فنانا غير معروف بعض الشيء في الوسط التشكيلي السوري إضافة إلى ابتعاده عن الظهور الإعلامي وعدم حبه للشهرة، غير أن ذلك لم يمنعه من أن يكون أحد أهم الرواد الذين ساهموا بتأسيس الحركة التشكيلية السورية والحفاظ على تراثها برؤية فنية فريدة جمعت التراث والحداثة. استمر زكاري بإنتاج اللوحات الفنية حتى رحيله في صيف عام 2020 أثر نوبة قلبية.
