قامت الثورة السورية عام 2011 للمطالبة بالحرية والكرامة، ولم تقم من أجل حاجات دنيوية أو بسبب الفقر والحاجة، لأن غالبية الشعب السوري كانوا يعيشون بوضع مالي مقبول خلافاً لوضع العديد من البلدان التي لجأوا إليها.
لقد فتح الشعب السوري أراضيه وبيوته منذ عقود طويلة أمام قوافل اللاجئين من دول مجاورة عربية منها وغربية عاشت صنوفًا من التشرد والنزوح بفعل الصراعات الداخلية والخارجية، واليوم يذوق السوريون من كأس التشرد واللجوء والنزوح نفسه، دون أدنى شعور بالمسؤولية والإنسانية من قبل بعض دول الجوار بعدما أغلقت حدودها أمامها، وأخرى شددَّت من سياساتها في استقبالهم.
غالبية السوريين تركوا أملاكهم وأرزاقهم وغادروا سوريا على أمل أن تنتهي معاناتهم خلال أيام أو أشهر، ولكن وبسبب تآمر المجتمع الدولي عليهم لمصلحة النظام استمر وجودهم الطويل خارج سوريا وسيستمر لزمن أطول.
غالبية السوريين يرغبون بالوصول إلى الدول الاوروبية من أجل الاستقرار فهي تقدم لهم الإقامة الدائمة والمساعدات المالية والتأمين الصحي والتعليم وتؤمن لهم العمل والعيش المشترك بحرية وأمان، والإحساس بالإنسانية التي افتقدوها في ظل حكم الأسد.
13 مليون مهجر سوري يذكرون العالم دوماً بحقّهم في العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى وطنهم ومنازلهم فهم حجر الأساس في مستقبل البلاد.
حين واجه النظام الأسدي المجرم الثورة السورية بكل وحشية وبكل الأسلحة القاتلة، اضطر السوريون إلى الهرب إلى الأمام إلى تركيا الجارة وشعبها الطيب، لحماية أبنائهم من القتل ونسائهم من الاغتصاب.
استقبلت تركيا السوريين بشعار جميل (أنتم المهاجرون ونحن الأنصار)، دون إعطائهم صفة قانونية تحميهم.
السوريون في تركيا يحتاجون اليوم إلى وضع قانوني يتفق مع قرارات الأمم المتحدة أي اعتبارهم لاجئين ولهم جميع حقوق اللاجئين وفق اتفاقية عام 1951 وقرارات الأمم المتحدة واتفاقيات حقوق الانسان، أو منحهم الجنسية التركية نظراً لمضي المدة القانونية لإقامتهم في تركيا وهي مدة خمس سنوات علماً أن الأكثرية منهم مقيم فيها منذ عشر سنوات.
استمرار الحماية المؤقتة يعرض السوريين للكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها انتهاكات من أفراد أو أحزاب عنصرية حالياً ومستقبلا.
الوضع القانوني الحالي جعل السوريين يبدون وكأنهم مجرد ضحايا، مسلوبي الهوية السياسية، بدلاً من النظر إليهم كشعب يكافح من أجل الحرية والكرامة.
النظرة العامة في تركيا هي صورة السوري البائس الفار من بلده، وليس السوري المنتج ثقافياً وسياسياً وفنياً واقتصادياً وهم متهمون بأنهم يعيشون على أموال الحكومة التركية، لذلك ينبغي عليهم أن يعيشوا في عزلة دائمة، بعيداً عن الفضاءات العامة كالحدائق والساحات والملاعب والأسواق.
والواقع الحالي يظهر أن كل السوريين المقيمين بتركيا يدفعون ثمن أي خطأ يرتكبه سوري آخر، كما حدث في عدد من المدن التركية آخرها أنقرة.
هذا الوضع جعل السوريين أكباش فداء وعرضة للممارسات العنصرية اليومية، فالمعارضة التركية تحرض الرأي العام التركي ويتأثر بذلك بعض المتطرفين بالهجوم على بيوت وسيارات ومحلات السوريين.
والمعارضة التركية ليس لديها أي مشروع سياسي لكسب أي انتخابات قادمة سوى التحريض والعنصرية ضد السوريين، وترفع شعارات طردهم إذا استلمت السلطة.
السوريون ليسوا متسولين وهمجيين، وهم لم يلجؤوا إلى بلادكم من أجل السياحة، لقد أرغموا على ترك وطنهم وسيعودون إليه عندما يتوقف العالم عن دعم القاتل، ومازال حلمهم هو العودة لوطنهم.
سيغادرون وطنكم وأرضكم ومدنكم يوماً ما متمنين لكم السلامة والسعادة، فدعوهم يحملون في قلوبهم المحبة والعرفان لكم.
صبحي دسوقي
رئيس التحرير