التصعيد الهمجي الأسدي على إدلب يزداد اضطرادًا. كما أن الحصار الإجرامي على درعا يتواصل وسط ضبابية مستمرة في أحوال ومستقبل درعا البلد، بالرغم مما أُعلن من اتفاقات قديمة ومستجدة، فهناك حالة مستمرة من العدوان المنظم والممنهج تريده روسيا وحلفاءها كالنظام السوري المجرم وكذلك إيران وكل ميليشياتها الطائفية المستجلبة من كل بقاع الدنيا، لتمارس حقدها ومقتلتها المتواصلة بحق الشعب السوري، حيث لا فرق لديها بين مدنيين وعسكريين، ولا إمكانية لديها لاحترام أي اتفاقات، مهما وجد من ضامنين لها.
هذا الحال المتحرك ينطبق على درعا وأيضًا على إدلب، على حد سواء، بل يتعداه إلى كل المناطق السورية التي وقفت يومًا معلنة ثورتها الظافرة على نظام القتل والإعتقال. يوم أعلن الشعب السوري انطلاقة ثورة الحرية والكرامة أواسط آذار/ مارس 2011، وهي في حالة تصميم لا ينقطع على متابعة الثورة مهما كلف ذلك من تضحيات.
لا ضير أن التوافقات والإتفاقات والبروتوكولات الموقعة باتت بالنسبة للنظام المجرم من الماضي وهو الذي مابرح يريد قضم باقي أراضي إدلب، وخاصة في هذه المرحلة ماهو موجود جنوب خط اتوستراد m4 لكن عينه الحاقدة باقية في تشوفها إلى الإنقضاض على جل الجغرافيا السورية المتبقية خارج سيطرة نظامه وميليشيات حقده، وما يعيقه حتى الآن عن ذلك هو تصميم السوريين على المواجهة أولًا بعد الاعتماد على الله، وعلى وقوف الضامن التركي إلى جانبه.
في درعا تم انتهاك كل اتفاقات وتسويات عام 2018 التي رعتها روسيا والأردن وبإشراف أميركي، أمام أنظار الجميع، وكذلك صمت الجميع أيضًا، دون النظر إلى أرواح الناس المدنيين وغيرهم ضمن درعا البلد التي أثبت أهلها من جديد كما كل الشعب السوري، أن الإرادة مازالت قوية متماسكة في مواجهة العدو الأسدي المجرم والاحتلالي، وأن العودة إلى سيطرة ميليشياته غير قابل للانصياع مهما كلف ذلك من تضحيات.
كل ذلك يجري واتفاقات معلنة وغير معلنة، وعدوان وانتهاكات تتواصل من نظام أسدي تعود أن لاميثاق ولا اتفاق ولا عهد له ولا ذمة منذ حكم أبيه المقبور حافظ الأسد. حيث تتحرك مآلات أوضاع درعا المحاصرة منذ تاريخ 25 يونيو/ حزيران الماضي، حين فرضت قوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها حصارًا على “درعا البلد”، بعد رفض المعارضة والثوار تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفًا لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط فقط.
تتحرك الاوضاع الآن إلى تهجير جزئي، وممارسة هيمنة روسية، وقد تكون بالوكالة عن كطريق فيالق محلية تتبع إلى المحتل الروسي، لكن المحتل الإيراني هو الآخر مايزال في حيص وبيص وعلى خلاف مع الروس حول السيطرة المباشرة على الجنوب، والهيمنة على البشر والثوار، وإعادة تموضع للميليشيات الطائفية بين ظهراني أهلنا في حوران كلها.
والمشكلة في الواقع العربي والإقليمي أنه لا أحد ينظر بجدية واهتمام لما يجري، وكأنه لم يعد يعنيهم ذلك مطلقًا، حتى أن إعلام الأنظمة العربية بات منشغلًا بما جرى ويجري في أفغانستان واليمن وماليزيا، متناسيًا مسألة مهمة أن شعبًا سوريًا عربيًا مسلمًا مازال يباد على أيدي إيران والأسد وروسيا، ودون إدراك ووعي أن الذي يمكن أن يحتل سورية، سوف يثني بكل المنطقة العربية، ولن يحول بينه وبين الهيمنة على المنطقة أي حائل فيما لو سقطت سقطت كل سورية (لاقدر الله )في أيدي الاحتلال الإيراني الفارسي الطائفي ومن لف لفه.
صحيفة إشراق من جهتها سألت بعض المهتمين من السوريين عما يجري وعن قراءتهم له فقلنا: كيف ترون مستقبل هاتين المنطقتين من سورية. في سياق حالة من التخلي الإقليمي والدولي؟
السيد عبد الرحيم خليفة الكاتب السوري المعارض قال لصحيفة إشراق: " التصعيد الحاصل والمستمر، على هاتين المنطقتين، يأتي في إطار محاولات النظام المستمرة لإخضاع كافة المناطق السورية لسيطرته، خصوصًا أنه بات (مرتاحًا) في مناطق أخرى كانت تشكل عوامل ضغط واستنزاف مستمرين له، وهو في ذلك يستغل عدم جدية المواقف الإقليمية والدولية، بما في ذلك مواقف الضامنين لبعض الإتفاقات التي جرت تحت مسميات مختلفة." وأضاف : " على كل حال يبقى مستقبل درعا وإدلب مرتبطًا إلى حد كبير في سياقات القضية السورية ومستقبلها. حيث من غير المتوقع أن تتضح الرؤيا بشكل كامل ودقيق، حتى لو استطاع النظام تحقيق بعض التقدم في المنطقتين المذكورتين، واستطاع تعديل بعض الشروط التي حكمت الإتفاقات السابقة، فالأمر كله يرتبط بمستقبل النظام وبقائه من عدمه، وما يطبخ في أروقة خارجيات واستخبارات الدول الممسكة بالقضية السورية، وحدود تفاهماتها، بما في ذلك بعض التسويات الإقليمية الكبرى.
المنطقتين اليوم تتحملان العبء الأكبر وتسددان فاتورة عن سورية وشعبها، وتختزلان الصراع، وأعتقد أن صمود أهل درعا وإدلب يعقد الخطوات التالية للنظام، ويحرج الأطراف الإقليمية والدولية، كما أنه يبقي القضية السورية في واجهة الأحداث."
من جهتها فقد قالت الناشطة السورية حسناء الحاج لصحيفة إشراق: " بالنسبة لوضع درعا أعتقد أنه لا يمكن أن نطلب من أهلنا هناك أن يصبروا تحت الحصار والقصف المدمر وفي ظل التعاون الأردني السوري فإن تهجير الناس هناك هو المتوقع كما حصل في الغوطة وباقي المناطق، لا يمكن أن يبقى أهلنا هناك حطب تحترق والعالم بصمته يبارك هذا الهجوم عليها". ثم قالت : " بالنسبة لوضع إدلب سيؤول الأمر إن استمر إلى مزيد من النزوح واللجوء نحو دول الجوار وإفراغ الأرض من أهلها بسبب خضوع المنطقة للتجاذبات الدولية وبسبب ضعف المعارضة، فلو كانت المعارضة قوية أيضًا لضغطت على أصحاب القرار ولربما أحدثت شيئًا لصالح الناس. والأمر في إدلب إلى مزيد من القتل والدمار وانحسار المنطقة المحررة إلى أين لا أعرف، لكن ربما لو أن هناك اعتراض من المعارضة المفاوضة أو الانسحاب من المفاوضات ولجنة الدستور علَّ الفراغ السياسي يكون له تأثير أكثر من امتلاء كامتلاء الطبل فقط. وأخشى أننا ذاهبون إلى سياسة الأمر الواقع وتصفية القضية، لا قدر الله طبعًا".