هل بدأ الأسد انتقامه من السوريين؟


 

انتهى النظام السوري من مسرحياته الأخيرة التي أقامها وهي الانتخابات الرئاسية حيث أعلن فوز بشار الأسد بنسبةٍ تجاوزت 95% متقدماً على المرشحين الآخرين. احتفل بعدها عبر إعلامه بالنصر حيث أُقيمت الاحتفالات في معظم الأراضي السورية منها حمص وحلب ودمشق. 

ثم أدى بشار الأسد القسم الدستوري في احتفالية ضخمة لم يعتد السوريين على مثلها لولايةٍ رابعة مدتها سبع سنوات حيثُ أُقيم الحفل في قصر الشعب بدمشق أمام أعضاء مجلس الشعب بحضور أكثر من 600 شخص ممثلين عن (فئات الشعب السوري) منهم الفنانين والتجار والصناعيين والعسكريين وسواهم. 

أقسم الأسد على احترام دستور البلاد ووحدتها واحترام حرية وكرامة المواطن السوري فجميع هذه الأشياء حالياً تفتقدها سورية والسوريين من وحدة الأراضي لكرامة الإنسان. 

بدأ الأسد ولايته فيما تشهد سورية أقسى أزماتها التي لم تشهدها من قبل على جميع المستويات، ويرى مراقبون بأن النظام السوري بدأ يعتمد نمطاً جديداً للانتقام من الشعب السوري الذي واجه النظام السوري وطالب برحيله. فإن أقل ما يمكن وصفه للوضع الآني في سورية هو الانهيار التام للدولة فالعقوبات الأميركية والحصار المفروض على سورية بعد قانون قيصر وأزمات لبنان الأخيرة جعلت الأوضاع في سورية تزداد سوءاً.

وسورية اليوم تعيش بلا أدنى مقومات الحياة لا كهرباء لا ماء ولا محروقات فالنظام السوري عاجزاً تماماً عن تأمين هذه الاحتياجات لمواطنيه. أزمات جديدة كل يوم يعيشها السوريون تحت حكم نظام بشار الأسد فالكهرباء اختفت بشكل تام عن بعض المناطق السورية وفي بعضها وصل انقطاع الكهرباء إلى أكثر من 22 ساعة تقنين مقابل ساعة واحدة للكهرباء في اليوم الواحد أما عن المحروقات فقد خصص النظام السوري لشتاء هذا العام 50 ليتراً فقط للعائلة الواحدة عبر البطاقة الذكية بعد رفع سعر المحروقات 30 %.

أما الخبز فكل يوم نشاهد مئات الطوابير أمام الأفران لحصول العائلة على ربطة خبز واحدة بعدما حاول النظام السوري جعل الحصول على الخبز عبر رسائل نصية ترسل على الموبايل لكن سرعان ما أُلغي القرار. أما عن الليرة السورية والدولار فقد وصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 3000 آلاف ليرة سورية فأضحى مرتب الموظف بعد الزيادة 40 $ شهرياً فقط.

حسب خبراء اقتصاديين فإن إنفاق العائلة السورية الواحدة على الخضار والفواكه يزيد عن 50 ألف ليرة، فيما تحتاج العائلة لتلبية احتياجاتها بالكامل إلى أكثر من 500 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 150 $ شهرياً علماً بأن الرواتب لا تتجاوز 50 $ شهرياُ كحد أعلى فكيف يعيش المواطن السوري تحت حكم بشار الأسد؟؟

أما الأوضاع الأمنية فإن سورية اليوم تشهد انفلاتاً أمنياً في أغلب المناطق فحوادث القتل والسرقة ازدادات في السنوات الأخيرة وأصبح الخبر عن إعلان حالة قتل أو سرقة خبراً عادياً بالنسبة للسوريين المقيمين في الداخل السوري تحت حكم بشار، وحسب شهود عيان فإن النظام  في كل فترة يشن حملة اعتقالات واسعة ويعتقل المئات وآخرها في مدينة حلب التي شهدت حملة اعتقالات واسعة لتجار وصناعيين وكانت التهم المباشرة لهم هي التعامل بالعملات الأجنبية وحسب شهود فإن النظام السوري يحاول التضييق على الصناعيين والتجار من أجل مغادرتهم البلاد حيث شهدت سورية في الشهرين الماضيين أكبر هجرة لصناعيي سورية إلى مصر لم تشهدها في سنوات الحرب الأخيرة وهذا ما يؤكد انتقام النظام السوري من السوريين. 

المرحلة المقبلة ستكون أكثر تدهوراُ وحساسية بالنسبة للسوريين الواقعين تحت حكم بشار الأسد 

وأخيراً أزمات يعيشها المواطن السوري كل يوم لم ولن تنتهي في القريب العاجل كما روج لها بشار الأسد عبر حملته الانتخابية مع شعار الأمل بالعمل ولن يستطيع النظام السوري إلى يومنا هذا فك الحصار دولياً عنه ولن تستطيع روسيا إعادة تعويم النظام السوري وفرضه على المجتمع الدولي الذي يقابله صد لقبول بشار الأسد.

المستقبل الغامض يطغى على سورية والسوريين حيث بات من الواضح نسيان الملف السوري بالنسبة للكثيريين، وأزمات جديدة كل يوم تعيشها سورية لا حل سياسي واضح، وغياب دور عربي عن المشهد بشكلٍ تام وعدم الجدية في حسم الملف السوري بالنسبة للغرب.

نصرٌ مُدَّعى لم يكتمل بعد للأسد وحلفائه وحتى بعد عشر سنوات لم يستطع النظام السوري وروسيا وإيران وجميع المليشيات إعلان النصر بشكل تام على سورية فقد شهدت درعا في الآونة الأخيرة مظاهرات مطالبةً بإسقاط النظام من جديد وعدم الرضوخ للنظام السوري ما يعني أن سورية ما زالت تعاني إلى يومنا هذا، فلم يستطع بشار الأسد بعد جميع محاولاته إخماد ثورة السوريين ويبقى السؤال متى تنتهي معاناة السوريين الذين يقدمون البطولات في سبيل تحقيق حلمهم في بناء دولة تسودها الحرية والديمقراطية والكرامة وتحترم حقوق مواطنيها دون تمييز أو عنصرية.

 

 

آلاء العابد        

كاتبة سورية

Whatsapp