ذاكرة الفن التشكيلي السوري


 

الفنانة التشكيلية

إقبال قارصلي

1925-1969

 

كانت الفنانة اقبال قارصلي من أوائل النساء اللواتي دخلن عوالم التشكيل، بل وفتحن الطريق أمام غيرهن من النساء ليكنّ جزءاً من الحركة الثقافية السورية، ويكسرن الصورة النمطية لاحتكار الذكور العمل الفني والثقافي في منتصف القرن الماضي. سماها والدها الأستاذ المربي ناجي قارصلي إقبال تيمنا باسم الشاعر والفيلسوف الباكستاني محمد إقبال. لم تتح الظروف لإقبال السفر ودراسة الفنون أكاديمياً كسواها من الفنانين فانكبت على قراءة الكتب الفنية والأدبية مثقفة نفسها بكل جديد وقديم، ثم انتسبت وهي في دمشق لمعهد الجواهري في القاهرة لدراسة الفن عن طريق المراسلة بين عامي1956-1958. 

تنقلت إقبال مع والدها بحكم عمله كمدرس بين العديد من المدن والقرى السورية لترصد بريشتها الكثير من الموضوعات المستمدة من الطبيعة والمجتمع لهذي المناطق والأقاليم المختلفة، وكان لمدينة تدمر النصيب الأكبر في تناول طبيعتها ومشاهدها الإنسانية لعيش إقبال فيها سنوات طوالاً مع زوجها الموظف فيها آنذاك. 

لم تكتفي اقبال بالرسم فقط بل كان لها نشاط اجتماعي ملحوظ بتعليم الرسم والمساهمة بمحو الأمية وتثقيف المرأة في الأرياف السورية وتوعيتها في كافة مجالات الحياة.

تنوع أسلوب إقبال قارصلي بين الواقعية المباشرة وبين انطباعية فريدة مستخدمة ألوانا سميكة بواسطة السكين، كانت تحاول تطريز الطبيعة بلمسة أنثوية مميزة من خلال رسم ورودها وأشجارها، من أهم أعمالها (جميلة بو حيرد).

كانت المرأة الأولى التي تقيم معرضا فردياً في صالة الفن الحديث في دمشق كما شاركت في جميع المعارض الجماعية داخل القطر وخارجه في خمسينات وستينات القرن الماضي، إضافة إلى معرض فدي في المانيا عام 1968. نالت العديد من الجوائز والميداليات عن مشاركاتها المميزة في المعارض والنشاطات الفنية.

رحلت الفنانة إقبال قارصلي وهي في ذروة العطاء الفني عام 1969 نتيجة تسمّم مزمن بمادة الرصاص الموجودة في الألوان الزيتية بعد أن أغنت التشكيل السوري بأكثر من سبعمئة وخمسين عمل فني محولة بيتها إلى متحف صغير للأعمال الفنية وقبلة لتشجيع من يود من النساء الدخول إلى الوسط الفني والمشاركة في الحياة الثقافية السورية، قامت وزارة الثقافة بتنظيم العديد من المعارض لعرض أعمالها إحياء لذكراها وتكريماً لتجربتها الفنية المهمة.

 

 

يُسر عيّان

كاتب سوري

Whatsapp