درعا والإتفاق الرباعي


 

تعيش العائلات المحاصرة في أحياء درعا البلد، والتي يبلغ عددها 11 ألف عائلة ظروفًا معيشية صعبة، بحسب ما أشارت إليه الأمم المتحدة في تقرير صدر في 30 تموز/يوليو المنصرم قالت خلاله "إن ما يشهده الجنوب السوري في الوقت الحالي أدى إلى سقوط مدنيين ونزوح آلاف الأشخاص من المنطقة." وتتوزع العائلات على أحياء عدة في المدينة هي: حي مخيم نازحي الجولان، مخيم اللاجئين الفلسطينيين، حي طريق السد، المزارع في مناطق الشياح والنخلة والرحية والخواني.

وقد نشرت وكالة "الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين" (أونروا)  تقريرًا قالت فيه إن الحصار على درعا أدى إلى نزوح أكثر من نصف العائلات الفلسطينية البالغ عددها   600 عائلة
وبحسب تقرير الوكالة: "يعاني اليوم ثلاثة آلاف فرد، في مخيم درعا جنوبي سورية من نقص الدواء والغذاء، بما في ذلك الخبز، تزامنًا مع انقطاع الماء، والكهرباء عن المخيم".
وعبّرت "أونروا" عن قلقها على حياة اللاجئين الفلسطينيين، نظرًا لعدم قدرتهم على الوصول إلى الخدمات التي تقدمها خاصة بعد إغلاق العيادة الصحية التابعة لها منذ مطلع شهر آب/أغسطس.
وبالرغم من أن خارطة الحل الروسية الأخيرة تضمنت وعودًا بفتح المعبر والسماح بحركة البضائع والمؤن إلى درعا البلد، فإن النظام السوري لم يلتزم بفتحه، في حين يواصل عمليات القصف والتصعيد العسكري على الأحياء المحاصرة في محاولة من النظام السوري للضغط على الأهالي وإجبارهم على الاستسلام.
وعلى الرغم من كل ما ذكر إعلامياً عن اتفاقات وتفاهمات "شفوية" بعدم دخول قوات النظام إلى الأحياء المحاصرة والإكتفاء برفع العلمين الروسي وعلم النظام السوري فوق بعض المباني وعودة المؤسسات الخدمية للعمل ضمن المناطق المحاصرة، إلا أن الثابت أن مجريات الأحداث تدلل على أن النظام السوري سائر باتجاه تهجير كل من يعارض توجهاته وإلزام الجميع على تسليم الأسلحة الخفيفة والانصياع لمطالبه تمهيداً لبسط سيطرته على كامل المحافظة.
ولا يمكن فصل ما يحدث من مستجدات في هذا الشأن عن المشروع الأخير الذي أعلن عنه وموافقة الإدارة الأميركية على استجرار الكهرباء التي سينتجها الأردن من الغاز المصري، إلى لبنان عبر جنوب سورية(درعا)  ذلك المشروع الذي يعتبر خرق لقانون "قيصر" والعقوبات المفروضة على نظام الأسد، حيث وافقت الولايات المتحدة على منح البنك الدولي قرضاً للبنان "وهي المرة الأولى التي تخالف فيها واشنطن منح قرض للبنان من دون إجراء إصلاحات حكومية"، كما كانت تشترط على الدوام، كما أنها تعلم يقيناً أن النظام السوري سيكون أحد الأطراف الرئيسية المستغلة للمشروع والمستفيدة منه، كعلمها أن إيران وميليشياتها سيكون لها موطئ قدم واضح المعالم في هذه المعمعة.
إذاً فالمعلن رسمياً عبر الإعلام والقنوات الرسمية لا يعكس حقيقة ما يجري على أرض الواقع، والذي لا يختلف عليه عاقلان هو أن مسلسل تهجير السوريين مستمر ومسلسل التغييرات الديمغرافية قائم ومتواصل، وأن كل ما جرى ويجري على الأرض السورية هو التمهيد لصفقة كبيرة بدأت تتضح ملامحها ولخارطة جديدة للمنطقة بدأت خطوطها بالتبلور، وقد شارك النظام السوري وساهم بشكل كبير في التمهيد لها وهذا هو سر إصرارهم على الإبقاء عليه والاحتفاظ به رغم أن الفظائع والجرائم المثبتة التي ارتكبها لم يسبقه إليها أحد من الأنظمة لا قديماً ولا حديثاً. فهل سنشهد في القادم من الأيام تسويات جديدة على النهج ذاته في مناطق أخرى من سورية.؟ أعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل المشروع لن تتأخر كثيراً.

 

 

محمد علي صابوني

كاتب سوري



 

Whatsapp