من البداية للنهاية لو كنا بمنطقة جغرافية ثانية لاختلف الوضع، والمعضلة نحن لم نجاورهم هم من جاورنا واختاروا واسطة العقد، وقلبوا الجسد ليكونوا الأقرب إلى المقتل عند أي حراك، أمنوا على حدودهم بشتى الطرق، اشتروا العبيد والخونة واختاروا أرذل الطبقات وأغروهم بالمناصب والأموال وسلموهم حكم الأوطان.
تخطيط من مئات السنوات والشعوب الحدودية تهتف لا للاستعمار، بخوا رذاذ الوطنية وأطلقوا على أنفسهم حماة الوطن وكان شعارهم نحن المقاومة والممانعة وجل الاقتصاد يذهب باتجاه جيوبهم وأفواههم بعيداً عن أية ممانعة أو مقاومة، وأصبحت الحدود نقمة علينا، عمل الشعب بكل كد وتعب ناضل ودرس وكان مدركاً لما وراء هذه الحدود التي لولاها لاكتفوا بإذلالنا وتجوعينا والسيطرة على عقولنا ومحاربتنا فكرياً واقتصادياً أما حدودنا مع ابنهم المدلل كانت بالنسبة لنا الدمار الشامل، خرجنا نطالب بالحرية راعهم المنظر سوريا كلها خرجت للشارع ماعدا أتباعهم لم يصدقوا، خمسون عاماً ونحن نعمل على إذلالهم وتجويعهم لسلامة الحدود بلا فائدة! لكن رؤوسهم قد أينعت! اقطعوها وألحقوا بقية الجسد أقضوا على الجميع فأي شخص يبقى ضدهم هو خطر! ففرعون أمر بقتل كل الأطفال من أجل حلم، اسحقوا أجسادهم واقطعوا نسلهم ودمروا بيوتهم، وتفننوا بتعذيبهم ليبقوا عبرة لمن لا يعتبر!
رشونا بذوراً على كافة الكرة الأرضية وسمونا لاجئين والتصقت هذه التسمية بنا شئنا أم أبينا، لم ننبت ولم نمت! بقينا بذوراً لأننا نحتاج إلى الماء وكيف نحصل عليها ونحن لا نملك دلواً للسقاية والشمس لا ترحم فنزداد عطشاً، كل من يمر من حولنا يترحم علينا إن كان يملك قلباً طيباً ونحن على قيد الحياة، البقية يمرون من فوقنا دون أن يرونا ومن رآنا اقترب وداس طويلاً كي لا تنجو أي من هذه الحبات! والعالم كله يعلم ماذا يدور وما بداخل هذه البذور لكنه لا يرفض طلباً لابنه المدلل يتغنج بدلال ويأمر، وزعوهم في كل الأماكن كما كنا سابقاً واسحقوا من بقي منهم حافظوا على الخونة لنبقى بأمان! هذه كل القصة باختصار، من كانت زمرة دمائهم كدمائنا قفلوا الأبواب وسدوا كل الفوهات بأوامر من الأسياد فوجود ابنهم المدلل في هذا المكان يروق له ولهم فسحق كل من حوله أفضل بكثير من نقله إلى أي مكان، من خنع وأظهر الولاء بقي صامتاً يقبل أقدام السلطان، والمستفيد الوحيد باقي الزمر الدموية والكل يعمل على بقاء الزمرة الفريدة في نقاء، لتضخ لهم ما يشاؤوا من الدماء، هو كمين دبر لنا بإحكام!!! وبتنا كالقطيع نفترس بعضنا والكل يتفق على افتراس الضعفاء، لم يبقَّ شكل ونوع للقهر إلا وذقناه غاب عنا الفرح والأمان وحل مكانه القلق والخوف وعدم الاستقرار، والمأساة مستمرة فقدان، إذلال، تهجير، وعوز، ولا أمل إلا باقتحام الحدود وفتح الأبواب التي أغلقت لعشرات السنوات ومسح الخطوط التي رسمها الأوغاد وتمزيق جوازات السفر التي لا تصلح إلا للتنقل بين الحيطان! حينها سنطوق ابنهم المدلل ونحاصره من كل الجهات، لا تجزعوا هي أضغاث أحلام، من يستطيع أن يستخدم عقله ويفكر وهو لاجئ في بلده وفي كل البلدان.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة