يتنقل بين أحواضٍ كان قد حفرها مسبقاً تغطيها طحالب خضراء اللون، يجمع منها بعربة صغيرة ويوزعها بعد خلطها مع القليل من العلف والحبوب ليقدمها وجبة لماشيته.
أيمن الإبراهيم شاب مُهجر من ريف حلب، وهو أول مزارع يقوم بإدخال هذا النبات وزراعته شمال سوريا، واجه أيمن عدّة مصاعب حتى تمكن من زراعته في المناطق المحررة، كان عليه شحنها أكثر من مرة من مصر إلى تركيا ومنها إلى إدلب، وذلك ضمن مدة زمنية لا تتجاوز 4 أيام حتى لا تموت النبتة.
شرح أيمن مراحل زراعة الآزولا قائلاً: "أُجهز حوض الزراعة بارتفاع يتراوح بين 20-30 سم بحيث يصل إليه ضوء الشمس، ثمّ أُغطي الحوض بالمشمع وأفرش طبقة تراب عليه بارتفاع 1-3 سم وتكون مخلوطة بسماد سوبر فوسفات أو سماد بلدي كروث الحيوانات بشرط أن يكون جافاً وخالياً من التعفن حتى لا تكثر البكتريا الضارة التي قد تؤذي الحيوانات والطيور التي سوف تتغذى على النبتة، وبعدها أضيف الماء إلى الحوض بارتفاع من 10 إلى 15 سم، وأفرش النبات على وجه الماء ليتكاثر مع تأمين تغطية جزئية فوقه من أشعة الشمس بنسبة 50 بالمائة".
ويسعى أيمن إلى زيادة استثماره من خلال توسيع المساحات المزروعة لديه بما لا يقل عن 2 هكتار، وذلك من أجل توفيرها كعلف أخضر وبشكل يومي وبأسعار زهيدة لأصحاب المواشي في المنطقة.
وبحسب الإبراهيم يبدأ الإنتاج بعد أسبوع إلى 10 أيام من زراعته التي تكون لمرة واحدة ويتجدد الإنتاج فيه مع متابعته الدائمة، وبعد إخراج النبات من الحوض يجب تجفيفه بالظل لمدّة 10 إلى 12 ساعة ومن ثم تقديمه للمواشي، أما الآزولا الجافة فتحتاج لفترة زمنية تتراوح بين 15 إلى 20 يوم، وكل 1 طن أخضر يعطينا 130 كيلو غرام جاف تقريباً.
مكملاً غذائياً للحيوانات والطيور في محافظة إدلب وبديل الأعلاف
مربي الطيور أيمن (38 عاماً) وهو نازح من قرية كفرومه إلى مدينة سرمدا يقول: "لا أعتمد على الآزولا بشكل مباشر لأن الطيور تحتاج للذرة والحنطة والحبوب بشكل عام حتى تعطي إنتاج جيد، وأضيف الآزولا كوجبة غذائية مُتممة للحبوب".
ويضيف الحبوش: "لكن البط والإوز والأرانب تأكل الخضار بشكل عام، وأعتمد في تربيتها على نبات الآزولا بشكل كبير متجاهلاً الحبوب، ولا مانع من وجود وجبة أعلاف قليلة مرة في اليوم".
يؤمن نحو ۷۰ ٪ من احتياجات الثروة الحيوانية من العلف، ما يسهم في زيادة أعدادها وانخفاض أسعار منتجاتها، حيث أنها من النباتات الغنية بالبروتينات والأحماض الأمينية والمعادن المفيدة لإطعام وتغذية مختلف أنواع الماشية من أغنام وماعز وأبقار، بالإضافة إلى الدجاج والبط والأرانب والأسماك.
أبو بشير عبدالمحسن (42 عاماً)وهو من مدينة كفرتخاريم يقول: "أملك مزرعة قريبة من المدينة، فيها بئر جوفي، وأملك بقرتين وعدد من الأغنام والماعز، وكنت أجمع الأعشاب من الأماكن التي تكثر فيها المياه وأشتري الأعلاف بكميات كبيرة، أما في الوقت الحالي أقوم بشراء كميات كبيرة من نبات الآزولا وبسعر منخفض بالإضافة لكمية قليلة من العلف وأعتبره تشكيلة طعام للماشية".
وأضاف أبو بشير: "إن كلفة العلف انخفضت نحو ثلاثة أرباع ما كنا ندفعه في السابق، ونحن الآن في صدد زراعته على مساحات واسعة، ستسهم زراعته في حل مشكلة علف الحيوانات، وتساعدنا في توفير المنتجات الأساسية بأسعار مناسبة إضافة لما توفره من محاصيل، كانت سابقا تستخدم كأعلاف كالقمح والذرة".
يشهد قطاع الثروة الحيوانية في مناطق إدلب وريفها تراجعاً كبيراً
صعوبات كبيرة تواجه مربي المواشي والثروة في محافظة إدلب، من ارتفاع أسعار الأعلاف إذ يتراوح سعر الطن منه ما بين 180 و220 دولار، وعدم وجود مناطق للرعي لأن أغلب المناطق جبلية، بالإضافة لغياب دعم المنظمات عن هذه الفئة.
كما أن ارتفاع أجور النقل وانخفاض نسبة الأمطار العام الماضي أدى إلى انخفاض سعر المواشي للنصف مقارنة مع العام الذي قبله، وعملية بيع وشراء المواشي شبه متوقفة بسبب سوء الوضع المادي.
وتعد تربية المواشي من أهم مقومات الأمن الغذائي في الشمال السوري، ولا يمكن الاستغناء عنها، وتراجعها يؤثر بشكل سلبي على المدنيين، حيث تأثرت الثروة الحيوانية في محافظة إدلب بسبب الحرب والظروف المعيشة الصعبة، وخاصة تربية الأبقار، بسبب صعوبة تأمين الأعلاف وارتفاع أسعارها، لتتحول من مهنة مربحة إلى مهنة قد تودي بصاحبها إلى الإفلاس.
ارتفاع أسعار الأعلاف وانخفاض الأرباح، دفع العديد من مربي الأبقار إلى الابتعاد عن تربيتها، أما محمود العيسى (55 عاماً) مهجر من مدينة كفرنبل ويقيم في قرية التلول على الحدود السورية التركية وصل إلى الإفلاس مرات عديدة ويقوم بالاقتراض في كل مرة، على عكس أصدقاء مصلحته الذين اتجهوا لأعمال أخرى وأقلعوا عن تربية الأبقار.
يقول العيسى: "نواجه مخاطر كثيرة في تربية الأبقار، بسبب ارتفاع تكاليف تربيتها الذي لا يتناسب مع ما نجنيه من أرباح، ولا أستطيع العمل بشيئ آخر مع العلم أن الكثير من أصدقائي توقفوا عن العمل بهذا المجال، فإن خسارة بقرة واحدة يعني أنك تفقد ما يقارب 1200 دولار".
وبعد نجاح تجربة إبراهيم يقول العيسى: "في الوقت الحالي أقوم بتجهيز 1000 متر مربع من أحواض زراعة الآزولا لإنتاج 250 كغ في اليوم الواحد، وهي كمية كافية للأبقار التي أملكها، ويبقى هذا الإنتاج على حاله طوال الأشهر الدافئة، ويخف الإنتاج بمعدل الثلث في أشهر الشتاء، وفيها يجب تغطية الأحواض بغطاء من النايلون".
ويختم أيمن حديثه بالقول: إن الآزولا بديلاً مناسباً عن الأعلاف من حيث الثمن والفوائد، وبعد تجربته لاحظ القيمة الغذائية لها، وليس لها أي انعكاسات سلبية على المواشي مقارنة بباقي أنواع الأعلاف، حتى إنها أصبحت أكثر انتشاراً بين مربي المواشي وأصحاب المداجن، ويستخدم بعد الحصول على بذوره، وقطف محصوله كعلف للمواشي والدواجن ، وغذاء للثروة السمكية، وبدأ مربو هذه الحيوانات في مناطق شمال غرب سوريا باستخدامه منذ أكثر من عام، وهو الآن يعتبر غذاء أساسي للحيوانات في الشمال السوري.
عمر علي الحسن
كاتب سوري