لا أحد يكترث، وصلنا إلى مرحلة اللامبالاة بشكل مرعب، هناك شخص مرمي على قارعة الطريق لا يمكن لأحد التنبؤ إن كان حياً أو ميتاً، الكل مسرع حتى أنهم لا يكلفون أنفسهم بالاقتراب أو حتى أن يدفعهم الفضول لنكزه، مجموعة من الشباب والشابات يقيمون احتفالاً قريباً وأصواتهم تعلو للسماء يتراكضون من حوله ومنهم من يدوس على قدمه دون اعتذار.
جارتنا العجوز العمياء تقطن في حي شعبي لم تخرج من البيت منذ عدة أيام لم يفطن أحد لها لكنهم تنبهوا إلى رائحة غريبة منفرة لقد فارقت الحياة منذ عدة أيام.
طفل صغير حافي القدمين والبرد قارص ينقر نوافذ السيارات ليحصل على شيء يقتات به، لا يستطيعون فتح النافذة فالبرد شديد.
فتاة جميلة تركض مسرعة لجلب دواء لأمها اعترضها عدة شبان، يمر الجميع دون اكتراث، صغير ينبه والده:
أبي هذه الفتاة تتعرض للخطر.
الأب:
تناول شطيرتك وانظر أمامك.
رجل طاعن بالسن يستجدي رغيفاً شلة من الشبان يحيطون به ويدورن حوله يسأله أحدهم متندراً:
هل يمكن استبداله بكعكة ميلاد.
كل هذا يهون أمام فتاة تسحل بالشارع من قبل أربعة مجندين وهي تستنجد بكل ما أنزل الله من مفردات والجماهير الغفيرة تتراكض بكل الاتجاهات.
وفي حافلة أربعون راكباً بقوا صامتين وهم يراقبون شاباً يداس بالأقدام ويضرب على رأسه بأخمص البواريد لأنه تأخر دقيقة في البحث عن هويته كونه معاق.
السجون تغص بالمعتقلين أصواتهم تعانق السماء وكل البيوت المجاورة ترفع صوت التلفاز وتنام على صوت المذياع.
عائلات بأكملها تغرق بالبحار وتتشرد بالبراري والغابات يقتلهم البرد والجوع، ويذكرون أعدادهم بنشرات الأخبار.
مخيمات مليئة بالنساء والأطفال يجتاحها الطوفان لا يفوتون فرصة تصويرهم بالألوان، ويتم تعويضهم بسلة تحتوي على كل المنظفات.
في مترو الأنفاق يقتلون شاباً طعناً بالسكاكين والكل مشغول بتصفح (موبايله).
على حائط مقابل لعمارتنا كتب بالخط العريض (10 غرامات من المخدرات بخمسين أورو)، والشرطة تبحث دوماً عن المخدرات تحت الأحجار.
شاب يحدق في وجه شابة تجلس بين أبويها ويسحب من يدها الهاتف بكل وقاحة ويلوذ بالفرار، السائق يغلق الباب ويكمل المشوار.
بالغوطة الشرقية أطلق النظام (الكيماوي) على ملاجئ كان من فيها يحتمي من قصف الطائرات اختلف العالم على نوع هذه المواد.
مئات الناس يقفون في طوابير الخبز قبل شروق الشمس للحصول على لقمة للأطفال والمذيع يتفتل بينهم بعد ساعات وساعات يسألهم عن جودة الطحين وإن كانوا عن الكمية راضين.
وفي كل البلدان يتنمرون على اللاجئ وكأنه جاء بمحض إرادته للاستجمام لا هرباً من الموت جوعاً وقتلاً وبرداً وبحثاً عن الأمان.
شكراً من القلب (لعمر الشغري) الذي نجا من مسالخ النظام بأعجوبة وتحدث أمام مجلس الأمن بكل ثقة قائلا:
إن إنقاذ السورين ليس بمعجزة، مكملاً إن سنحت لكم الفرصة لإنقاذ روح بريئة دون المخاطرة بحياتكم هل ستفعلونها.
وشكراً من القلب (لوعد الخطيب) على جرأتها:
أنا لست فخورة بأنكم أتحتم لي الفرصة بالتحدث من منبركم، بل لي الشرف بأنني أمثل الثورة السورية، وأكدت أن سوريا ليست آمنة.
وأخيراً أنا أقول من منبري الضيق هذا، كل السوريين في كل أصقاع العالم ليسوا بخير وليسوا بأمان.
ولا أحد يكترث
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة