خرج الشعب السوري الحر منذ أكثر من عشر سنوات لإسقاط السلطة الحاكمة في سوريا وللعيش في دولة تراعي حقوق مواطنيها دون تمييز أو إقصاء أو تهميش، ولمنع التسلط والقمع واستغلال المناصب ومنع الاختلاس ونهب المال العام، خرج من أجل حقه بالعيش بحرية والتمتع بخيرات وطنه المكرسة للطبقة الحاكمة.
وقد سبق وأن فتح الشعب السوري أراضيه وبيوته منذ عقود طويلة أمام قوافل اللاجئين الذين عانوا من التشرد والنزوح (اليونان - العراق- الكويت - لبنان - الشركس - الأرمن. إلخ)، واستقبلهم في بيوته ولم يضعهم في مخيمات، واليوم يذوق السوريون من كأس التشرد واللجوء والنزوح نفسه، دون أدنى شعور بالمسؤولية والإنسانية من قبل دول وشعوب الجوار بعدما أغلقت حدودها أمامهم.
لقد جرَّب السوريون المجتمع الدولي وتيقنوا أنه كاذب ومخادع وخذلهم بعد مليون شهيد وملايين المهجرين، ولم يقف العالم متفرجاً على المحرقة السورية بل شارك بها من خلال صمته ودعمه للنظام القاتل، ولروسيا وإيران والميليشيات الشيعية الإرهابية.
السوريون يداهمهم الحزن كلما تابعوا جهود من حاولوا أن يقدموا للآخرين وللوطن شيئاً مفيداً، فحوربوا وجابههم العالم والانتهازيون بكل ما يملكون لإبعادهم عن ساحات الفعل الحقيقية فأخفقوا وأعلنوا انسحابهم حفاظاً على نقائهم وصدقهم ونبل مشاعرهم.
يتابعون بحيرة ما يجري على الأرض وعلى خشبات المسارح وفي الكواليس لعروض متفاوتة المستوى والأداء من معارضة أصابها الإرباك وممثلون تسرب الوهن إلى دواخلهم قبل أجسادهم وأفكار مبعثرة قاصرة على الفهم من قبل من يؤديها ومن العسير بالضرورة على المتلقي التواصل معها وأن يجد فيها ما يضيف إلى مخزونه الثقافي والمعرفي والجمالي والإنساني شيئاً.
سباق محموم تبذله الفرق المشاركة في اللعبة لإيجاد جسور تواصل بينها وبين المتابعين والحالمين لكن الحاجز يظل أكبر ارتفاعاً من كل النوايا الطيبة.
الأقنعة تتساقط وتظهر الوجوه على حقيقتها أكثر تشوهاً وأكثر قرفاً ودونية ووضاعة.
والمصيبة الكبرى التي لحقت بالسوريين هي تلك الندوات والمؤتمرات واللقاءات الهزيلة التي تجري هنا وهناك فقط لإرضاء غرور المشاركين والكسب المادي الدنيء ولا شيء آخر، تناسوا الإنسانية واندفعوا للاقتتال وتخوين بعضهم البعض من أجل غايات دنيا.
أنصاف وأشباه مبدعين يحاولون التقييم وينقدون ويعطون آراء مكررة ومكتوبة سلفاً تصلح لكل عرض واستعراض لإبراز ثقافتهم الضحلة وكلمات تضيع في الهواء حين تضيع الفكرة وتتحول إلى مجموعة من الكلمات البائسة المحزنة.
في معركة الشعب السوري لنيل حريته من الطغاة، واجهته مواقف البعض المستنكرة والمحبطة للآمال، فالبعض حاول اجتثاث أحلامهم من خلال تغليب اليأس، والتشكيك، والإقصاء، والأنانية، ومحاربة الآخر، حتى الذين يقفون بالصف ذاته.
سياسة الإقصاء مقرفة، الوطن كبير ويتسع للجميع، هو بحاجة لكل الأيدي كي يكتمل الخلاص وتحقيق الحلم المنتظر.
الشعب السوري مستمر بثورته وسينتصر رغم أنف الطغاة، والشعب السوري سيكمل ثورته بمن تبقى منه، وسيعيد بناء مدنه المدمرة.
ويظل سؤال السوريون حزيناً وجارحاً في ظل كراهية العالم لهم ومحاربتهم لأنهم أحرار:
- من يمنحنا الحب؟
صبحي دسوقي
رئيس التحرير