الشمال السوري والوضع الصحي المهدد


 

تعرض القطاع الصحي والعاملين فيه لتهديد نفسي وجسدي وتصفيات منذ بداية الاحتجاجات السورية وإلى اليوم، واعتبر النظام وحلفاؤه أن القطاع الصحي الذي يقدم خدماته للسوريين خارج سيطرته هو هدف يقصدونه عسكرياً عبر قصف المشافي وسيارات الإسعاف والمستوصفات رغم إدانة هذا العمل في القانون الدولي الإنساني وكل القوانين الدولية، فضلاً عن التهديد بالفيتو الروسي لمسألة دخول المساعدات فأنت تهدد الغذاء والدواء لملايين السكان والمهجرين والنازحين. 

وقد أصدرت “لجنة الإنقاذ الدولي” (IRC) تقريرًا يكشف التأثير الواسع والمدمّر لعقد من الهجمات الممنهجة على المرافق الصحية وعلى المدنيين في سورية.

واستند البحث الذي أجرته “لجنة الإنقاذ الدولي” على عينة من 237 مدنيًا سوريًا، بالإضافة إلى 74 عاملًا في مجال الرعاية الصحية موزعين في 13 منطقة من محافظتي حلب وإدلب.

وقال التقرير إن 81% من العاملين في مجال الصحة الذين شملهم الاستطلاع لديهم زميل عمل أو مريضًا أصيب أو قُتل بسبب هجوم، في حين شهد 77% منهم على الأقل معدل أربع هجمات على منشآت الرعاية الصحية، بينما شهد البعض ما يصل إلى 20 هجومًا على مدار سنوات الحرب.

وأوضحت الدراسة الاستقصائية، التي أجريت مع العاملين في مجال الرعاية الصحية أيضًا، المخاطر الشديدة التي يتم اتخاذها للحفاظ على توفير الرعاية المنقذة للحياة، حيث كان 68% منهم داخل منشأة صحية.

كما أن 59% من المدنيين الذين شملهم الاستطلاع تأثروا بشكل مباشر بهجوم على منشأة صحية في أثناء الحرب، و49% منهم يخشون الحصول على الرعاية الصحية نتيجة للهجمات.

وأشارت النتائج إلى أن ثمانية من بين كل عشرة مدنيين فروا من منازلهم ست مرات على الأقل في أثناء النزاع، ووصل بعضهم إلى الفرار 25 مرة.

وأن الاستهداف المتعمد للرعاية الصحية ترك العديد من العاملين الصحيين خائفين على حياتهم وحياة أسرهم، مما دفع 70% منهم لمغادرة سورية، إذ لم يتبق سوى طبيب سوري واحد لكل عشرة آلاف مدني.

بينما يعمل أكثر من واحد من كل ستة عاملين صحيين 80 ساعة على الأقل في الأسبوع، لمحاولة تعويض هذا النقص، حسب التقرير.

ووفق بعض الإحصاءات ورغم أن القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني ينص على حماية المرافق الصحية والعاملين الصحيين، وعلى الرغم من ذلك، وثقت منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” 595 هجومًا على الرعاية الصحية في سورية منذ عام 2011 لغاية 2021. كما وثقت لجنة “الإنقاذ الدولية” 24 هجومًا على الأقل في العامين المنصرمين على برامجها في شمال غربي سورية.

ومقابل ذلك هناك تقاعس من المجتمع الدولي في الإجراءات المتخذة بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات على المنشآت الصحية.!! والمفترض قيادة جهود جماعية دولية، تشمل القطاع الصحي والأمن الغذائي على الأقل لتحييده تماماً من الاستهداف أو التهديد بالمنع عبر الفيتو الروسي من أجل ضمان استمرار وصول المساعدات التي يحتاج إليها السوريون. فضلاً عن وضع حد وخطوات هادفة لمحاسبة المسؤولين عن الهجمات، وحد لهذه الفوضى والوحشية التي تحولت لسلوك النظام وحلفاؤه في سورية. 

 

 

د. زكريا ملاحفجي

كاتب سوري 

Whatsapp