يتهافت النظام الرسمي العربي تباعًا، من أجل استقبال ولقاء رأس النظام السوري
المجرم، ويحار أركان الجامعة العربية كيف يصلون ماانقطع بينهم وبين نظام المقتلة الأسدية،
ومعظمهم في حالة نشوة وانفتاح لم يسبق له مثيل، ضمن سياقات إعادة تدوير وإنتاج نظام
الكيماوي والكبتاغون دون الالتفات إلى أن هذا النظام نفسه مازال يعيث فسادًا وقمعًا وقتلًا في
كل منحنيات الواقع السوري، ناهيك عن دوره الواضح عالميًا وإقليميًا في تصدير المواد
السامة من مخدرات الكبتاغون، ومن كل مايمكن أن ينخر في بنيان المجتمعات العربية
المحيطة، بل في كل مجتمعات العالم .
يبدو أن ذلك وسواه لم يمنع أركان النظام العربي الرسمي من الولوج وحدانًا وجماعات في
متاهات التطبيع مع بشار الأسد، ونحو انفتاح كامل على مؤسسات وعصابات الأسد، بل لم
يكتف بعض أركان النظام العربي بذلك، حيث راحوا بهمة عالية إلى مفاصل ومحددات
السياسة الأوربية في محاولة منهم لإقناع الأوربيين بمقولة أن النظام السوري قد تغير، ولابد
من قبوله دوليًا وتخفيف العقوبات الواقعة عليه جراء (قيصر) ومن بعده قانون (الكبتاغون)
ومن ثم قانون التطبيع المزمع إصداره .
لم يقبل الأوربيون بذلك، بل ألغوا اجتماعات مهمة كانت مقررة بين أطراف الاتحاد الأوربي
وممثلي الجامعة العربية، لمجرد احتمال وجود ممثل للخارجية السورية ضمن الاجتماع.
حيث مابرح الأوربيون يرون أن النظام السوري ماضٍ في غيه وقمعه وإهداره لحقوق
الإنسان، وتمنُّعِه الولوج في الحل السياسي اتكاء على القرارات الأممية ذات الصلة .
الأميركان مازالوا يرفضون التطبيع مع الأسد، لكنهم لايضغطون جديًا على شركائهم في
المنطقة لوقف التطبيع معه، وهذه سياسة أميركية مازالت قائمة تفتح الباب مواربًا ولاتغلقه
كليًا، وهي التي كان ومايزال آخر همها الشعوب المقهورة وخاصة السوريين والعرب.
ولأن العرب ودول الإقليم انبرت للتطبيع مع النظام، وتناست جذر المشكلة وهي وجود نظام
قمعي إرهابي لاثقة به، ولاقيمة لديه، لكل أرواح السوريين، أو غير السوريين. فقد استمرت
تخوفات السوريين من محاولات التطبيع، ونحو اجبارهم على العودة إلى تحت مظلة النظام
القمعي الإرهابي فما كان من الشعب السوري إلا وراح من جديد يبحث عن الخلاص الفردي،
والمغادرة تحت كل هول مخاطر المغادرة بحرًا وبرًا، إلى برزخ الحرية في أوروبا، وهروبًا
من سجون الأسد، وفساد نظام القمع، باتجاه أوروبا والعالم، ليكون البحر المتوسط في
المرصاد، فيبتلع الأرواح دون رحمة، وينثر الجثث الفارة من جحيم الأسد، ليكون هذا الموت
القادم هذه المرة من شرق المتوسط الذي كان يومًا وحسب (عبد الرحمن منيف) سجنًا كبيرًا
للقتل والقمع وكم الأفواه. هاهو هذا البحر اليوم يحصد أرواح السوريين الفارين من مقتلة
الأسد، الذين لايلوون على شيء فيكون موج البحر، ونكران بعض الدول المستقبلة، خلاصًا
فرديًا إلى هناك حيث الكل في الواحد، عند رب لايضيع لديه حق، ولا مكان للعنصرية
والشوفينية في ملكوته.
التطبيع مع نظام الاسد يسير بسرعة، وهو يدفع إلى مزيد من الفرار نحو أمكنة أخرى أكثر
أمانًا، لعلها رسالة مؤلمة إلى كل الذين مازالوا يعتقدون أن السوري يمكن أن يطمئن في
الرجوع إلى عصابات الأسد وداعميه، من إيرانيين وروس ومن لف لفهم.
التطبيع مع النظام السوري ليس مقبولًا من أهل الثورة السورية، ولا يتوافق مع العدل والحق،
ولاتقبله كل الشرائع السماوية، ولا القوانين الوضعية، عندما ىيتم تجاوز كل ماقام به النظام
السوري من جرائم ثم يُترك الشعب السوري بلا نصير ولا مؤازر، ولا من يقف معه ومع
حقه الذي سلبه منه نظام العصابة الأسدي الطائفي الفاشيستي.