في سياق بادرة هي الأولى من نوعها، وضمن فعاليات احتفائية لكل من صحيفة إشراق وراديو فجر، فقد بادرت بلبل زادة وبالتعاون مع TRT) ) الإذاعة والتلفزيون التركي الرسمي، بدعوة الكتاب والإعلاميين السوريين المقيمين في تركيا، الذين يشاركون كتابة وتحليلاً في هاتين الوسيلتين الاعلاميتين المدعومتين من بلبل زادة ومنبر الشام، حيث شارك أيضًا ملتقى الأدباء والكتاب السوريين في تركيا، في لقاءات إعلامية ثقافية وسياسية فكرية ، في أنقرة العاصمة التركية، ليكون اللقاء المهم مع نائب المدير العام ل (TRT) والذي تحدث فيه بإسهاب عن برامج ونشاطات وسياسات إعلامية يجري العمل عليها، ضمن حالة من النجاح والتطور المتواصل، حيث تأسس التلفزيون التركي الرسمي عام 1964 بينما بدأ البث التلفزيوني التركي الخاص عام 1990، متحدثًا عن عدد كبير من أقنية تلفزيونية يتم البث فيها، وضمن لغات كثيرة وعديدة، تطوف العالم أجمع، فتشيع قيم الحق والعدل، قيم الديمقراطية، والإسلام الحنيف المعتدل، كما تستهدف المحطات كل الشرائح العمرية، للمتلقي، منوهًا إلى أنهم يهتمون أيضًا بالطفل، بحيث تمتنع قناة الأطفال التركية، عن بث أية إعلانات داخل فترات بثها.
الجولة الإطلاعية للإعلاميين المشاركين كانت على أهم الاستديوهات في التلفزيون التركي، وخاصة تلك التي شهدت أحداثًا تاريخية، كان آخرها الأستوديو الذي شهد محاولة الانقلاب الفاشلة، في تموز/ يوليو 2016، كما تمًّ الاطلاع كذلك على حالة التطور الكبيرة التي يعيشها الاعلام التركي المتلفز، وهي تتكئ على تقنيات حديثة بل فائقة الجودة، استنادًا إلى سياسات إعلامية تحريرية تواكب حالة التطور هذه.
السيد نائب المدير العام أشار في حديثه الحواري إلى أن الإعلامي الناجح عليه أن يمتلك الاستقلالية الكافية، ليكون على مسافة واحدة من أي خبر يتلقاه، ليكون حياديًا، دون تحيز، وهذا يعطي نجاحًا للإعلام، ويساهم أكثر بوجود إعلام حر، غير موجه، كما حال بعض الدول الشمولية.
لم تكن الزيارة التي تمت إلى مبنى البرلمان التركي، بأقل أهمية، بل كانت ومن خلال لقاءات مع مسؤولين هناك، وبعد الاطلاع على أماكن صنع القرارات والتشريعات التركية، حيث عاش الجميع تلك الأجواء المواكبة للحالة الديمقراطية لشعب شقيق كالشعب التركي، فسحة معرفية، ووجدانية في نفس الآن، أنتجت بعدًا جديدًا سيساهم على مدى الأيام القادمة، في إعادة صقل الفكر للمشاركين، من أجل وطن سوري، بحياة برلمانية سورية تقارب هذه الحالة التي رأيناها في قاعات البرلمان التركي.
اللقاء الآخر في أنقرة كان في مركز أبحاث ودراسات (سيتا) حيث عقدت ندوة حوارية في المركز المشار إليه، شارك فيها الأستاذ صبحي دسوقي رئيس تحرير صحيفة إشراق والأستاذ علاء الدين حسو مدير راديو فجر، بالإضافة إلى مدير عام قناة TRT الناطقة بالكردية، بمشاركة باحث تركي، وأدار الندوة أحد مدراء مركز أبحاث سيتا. كانت الندوة ذات أهمية، حيث جرت الكثير من الحوارات والمداخلات من الحضور، وطرحت بعض الأسئلة، التي تهم الوضعين السوري والتركي، لامست العديد من المسائل البحثية، التي لابد من معالجتها عبر القيام بالبحوث والدراسات، التي تساهم في تطوير السياسات الإعلامية، في تركيا، والتي يحتاجها الاعلام التركي، خاصة الموجه إلى العرب والسوريين، حيث تجري متابعة الاعلام التركي الناطق بالعربية، من معظم السوريين، ثم قدمت إشراق وفجر هدية إعلامية من الصحيفة إلى القائمين على المركز البحثي.
أما في إسطنبول مدينة النور التركية والإسلامية، فقد كانت الجولة اطلاعية، مهمة، جال فيها المشاركون، على العديد من الأماكن التاريخية، العثمانية الإسلامية، التي شممنا منها عبق التاريخ حقًا وصدقًا، فمن قاعات قصور صنعت فيها وعبرها أهم القرارات التاريخية، لسلاطين الدولة العثمانية، التي فتحت أوروبا، وسيطرت على مساحات جغرافية، سجلها التاريخ، وصنع عبرها حضارات إسلامية راكمت على ما قبلها، من حضارة عربية إسلامية، كان قد حمل مشعلها الرسول العربي محمد (ص) وصحابته الكرام، فساهموا في فتح الشرق والغرب، على أسس حضارية معرفية، لم يشهد التاريخ لها مثيلًا مع الفترتين الأموية والعباسية.
في إسطنبول رأينا الكنيسة الكبرى والتاريخية آية صوفيا، والتي تحولت إلى مسجد مهم، مع الفتوحات الإسلامية، حيث التاريخ وأناقته، وروعته لتمتزج الأديان السمحة، فيما بينها من أجل بشرية، متآلفة، متصالحة لخير البشرية جمعاء، وفي إسطنبول أيضًا الصناعة السياحية الخبيرة، التي تمتاز فيها هذه المدينة التاريخية، وتنجدل بحالة تمفصل واضحة بين آسيا وأوروبا، وتمتد أنفاقًا، وفضاءً، حتى تصل بين الجناحين القاريين، في هذه المدينة الكبرى، نجد كل أنواع البشر، بل وكل الألوان والجنسيات، كلهم يحجون سياحة إلى إسطنبول، ليتعرفوا على التاريخ بروعته وعبقه، بانتصاراته وهزائمه، بجمالياته وروعته التي تأسر الأبصار، وتسر النظرين، وتلاقح الأفكار، وتنج بعضًا من ملكوت سماوي، يتجاوز الماديات، إلى الماورائيات.
بين هذا وذاك كانت ثلة من الأحباب السوريين، من مثقفي الشعب السوري العظيم، تتمفصل مع كل ذلك، وتنتح منه وجدانيات، لا قبل لأحد بها، ولا قدرة لإنسان على الخوض خارج ملكوتها، مجموعة من السوريين المحبين، المعطائين، في حالة من العلاقة الأخوية، ملفتة بما أنتجته من علاقات تسامحية قل نظيرها، فكانت بعض الأيام التي لا تنسى بكل تأكيد، بما حملته من تآلف ومحبة بين السوريين، وكذلك مع الذين استضافونا من أهلنا الأتراك المتعاطفين مع شعبنا السوري في واقعه الذي لا يخفى على أحد.
أحمد مظهر سعدو