تطرح المرحلة الحالية في الواقع السوري الكثير من التساؤلات الموضوعية على مجمل المتنكبين لقيادة هذه المرحلة، وضمن أتون واقع تلفه الهزائم، وتحيط به حالات من النكوص والارتداد، ولا يبدو أن القضية بعيدة عن أن تحتمل الإجابة على الكثير من الأسئلة الملحة ومنها: ما هي الطبيعة التنظيمية التي يمكن العمل عليها في الواقع السوري (تيار – حزب – جبهة عريضة – شكل آخر..)، بما يحقق استيعاب وفاعلية طيف واسع من الوطنيين السوريين؟، أمام هذا العثار الكبير الذي نعيشه كان لابد من طرح السؤال على بعض السياسيين وأصحاب الفكر السياسي الوطني الديمقراطي، ومنهم السيد منصور الأتاسي الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي السوري الذي أجاب بقوله: " هذا السؤال الأهم في المرحلة الراهنة. وأنا أسميها المرحلة الثالثة من مراحل تطور الثورة.. بعد مرحلة الثورة العفوية التي لم تتمكن من إنتاج قيادتها وفشلت في قيادتها...ثم مرحلة العسكرة التي قادتها التيارات المتطرفة وأدت إلى هزيمتها وسيطرة النظام على مناطق بكاملها كانت مع الثورة واستولت عليها هذه التنظيمات ثم سلمتها فارغة من سكانها للنظام، وأدت إلى التدخلات العسكرية المختلفة، وفقد السوريون قدرتهم على تقرير مصيرهم ، وهكذا ندخل إلى المرحلة الثالثة مرحلة تراجع العمل العسكري وتقدم الحل السياسي، ونحن السوريون غير متفقين على وثيقة سياسية نلتف حولها جميعنا، وعلى قيادة سياسية مكلفة بتنفيذ الوثيقة التي تحدد فهمنا لشكل الدولة القادمة "، وتابع يقول " وأمام هذا الوضع يطرح عدة حلول الأول وهو يرى أن استمرار النظام يخرج سورية من التخبط، يعتمد هذا الحل الروس والايرانيون وقسم من الدول العربية ، والشكل الثاني تدفع إليه التيارات الإسلامية المتطرفة التي اعتمدت مؤخرًا علمًا يعكس توجهاتها وفهمها لشكل الدولة القادمة وأعني به علم حكومة (الانقاذ الوطني)، والذي أسميناه علم الفتنة، والحل الثالث هو ما يمكن تسميته ديمقراطية المكونات، والتي تنطلق من توزيع السلطة على مكونات الشعب السوري، وتنطلق من إطلاق تعبير الحرب الأهلية على الثورة السورية، وهكذا ينتج زعماء الطوائف والقوميات مما يجعلهم مستعدون للتبعية لمنتجيهم أو مصنعيهم ، وهذا الشكل يساهم في إعادة إنتاج النهب والقمع وديمقراطيات المكونات التي نعنيها شبيهه بالديمقراطيات المنفذة في العراق ولبنان والتي ستنفذ في اليمن وليبيا وغيرها ، والتي تنتج حروب وصراعات داخل الوطن الواحد تبدأ ولا تنتهي،  والحل الرابع الذي نتبناه هو بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها جميع السوريين في الحقوق والواجبات، ويتطلب إيجاد نظام سياسي يعتمد قانون للأحزاب وآخر للصحافة ويسمح لأي سوري يصل لأي منصب سياسي ويعتمد تقديم الانتماء للوطنية أولًا مع احترام تقاليد وعقائد وقيم كافة أفراد الشعب بشكل متساو، ولكل من هذه الحلول الأربعة أشكالها التنظيمية التي تحملها وتجعلها قادرة على الاستمرار"، ثم قال الأتاسي " الذي يعنينا هنا فهمنا لشكل بناء الدولة القادمة، وهي الدولة المدنية الديمقراطية التي تنطلق من تنافس الأحزاب السياسية على برامج سياسية تخدم الطبقات والفئات التي تنتمي إليها هذه الأحزاب، ولكون بلادنا تتعرض لأخطار عديدة بما فيها أخطار التمزق أو فرض نظام سياسي سيعيق تطور بلدنا، فالمطلوب من الأحزاب الوطنية الديمقراطية الآن التجمع والاتفاق على وثيقة سياسية تخدم تصورها عن الدولة القادمة ، ولا تتناقض مع طبيعة هذه الأحزاب"، وأكد أن المطلوب اليوم " لقاءات واسعة تجمعها وتفتح حوارات تصلها لتفاهمات تكون الأساس في الدعوى لمؤتمر وطني يوحد جهودها ويعمل على بناء الدولة الديمقراطية وتحطيم نظام الاستبداد والتعبير عن موقف الشعب السوري في المحافل الدولية وطرد جميع الغرباء من بلادنا دولًا وأحزاب وميلشيات وأفراد، وأعتقد أن التطورات القادمة سوف تسرع من الوصول لهذا الهدف النبيل."

أما الباحث الدكتور أحمد الحمادي فقال إن المطلوب اليوم تنظيم " ينخرط فيه جميع الثوار تنظيميًا ووجدانيًا للعمل الثوري المسؤول وتغيب فيه المصالح الشخصية لحساب المصلحة العامة، وليكن شعاره كل شيء لتحقيق أهداف الثورة مع التخلص من كل الشخصيات الانتهازية والتسلطية والإيديولوجيات الهجينة على الثورة ولا تسود إلا الإيديولوجية الثورية." ، وعن التسمية قال "  أما بالنسبة للتسمية فإنني لا أرى تسميته حزب أو تيار وأرى أن تكون التسمية عامة تدل على التنظيم الواسع للثوار والحاضنة الثورية ولكن هذا المشروع الثوري لا بد، لكي ينطلق ويحقق النجاح من تشكيل كيان للعمل الثوري على صعيد كل منطقة وقرية وبلدة وفي دول اللجوء، لحشد الطاقات والقوى والعمل وفق أسلوب ديمقراطي ودراسة الأشخاص القائمين عليه دراسة دقيقة، من حيث النزاهة والتاريخ المشرف والنية الصادقة والحماس الثوري والوعي الثوري، وتحمل روح المسؤولية والاستعداد للفداء والتضحية، وبعد ذلك يتحول هذا لعمل ثوري منضبط يقود الجماهير الثورية لتحقيق أهدافها، في الخلاص من النظام المجرم والدول المحتلة لسورية، والعصابات الداعمة له، من شذاذ الآفاق ومن جميع المتسلقين والانتهازيين والفاسدين الذين أوصلوا الثورة لحالتها هذه، ولا ضير من تسميتها حركة التحرير الوطني فهي الأقرب إلى توصيف الحال، وإلى عقول وقلوب وسلوك الثوار وكل الغيورين على حرية وكرامة سورية، وتلقى على عاتقها مهمة حشد الصفوف والطاقات والقوى والإمكانيات لتحقيق النصر وإعادة إعمار البلد المحطم المدمر، والنصر لثورة شعبنا الحر الأبي"، وتبقى الأسئلة متتابعة ومتوالية باتجاه إعادة بناء سورية المستقبل".

أحمد مظهر سعدو

رئيس القسم السياسي