الجولان: نحن الحق والثورة وهم أصحاب الفيل


لا يبدو أن مرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل في يوم ٢٥ آذار/مارس 2019؟!! كان صدفة أن يتطابق مع إعلان الشعب السوري في الجولان عن الوثيقة الوطنية وقرار الحرم الشعبي والديني في ٢٥ آذار/مارس ١٩٨٢.  والتي جاءت ردًا على قرار الكنيست الاسرائيلي بضم الجولان المحتل وفرض الهوية، وهو الذي خرج للعلن بتاريخ ١٤ كانون الأول/ديسمبر ١٩٨١، حيث بدأت في حينها انتفاضة الأهل في الجولان تحت شعار (المنية ولا الهوية) وذلك في ١٤ شباط/فبراير ١٩٨٢، وكما نعلم فقد كانت الوثيقة الوطنية الشعبية السورية لأهل الجولان تتمثل بالحرم الشعبي من رجال الدين في ٢٥ آذار/مارس ١٩٨٢، ونذكر أنه وفي اليوم الثاني أي في ٢٦ آذار/مارس ١٩٨٢ كانت وفاة القائد الوطني سلطان باشا الأطرش.

ولأن استحضار الماضي وفي كثير من الأحيان مفيد، ويساهم في ملامسة الواقع الآني، ضمن سياق المتغيرات، فإن ما فعله ترامب كهدية انتخابية لنتنياهو، ليس وليد ساعته ولا يمكن عزله عن السياق التاريخي للسياسات الأميركية المتبعة تجاه منطقتنا، وضمنها قضية الجولان وقضية فلسطين، وفي أتون التخلي الكامل للنظام السوري، الذي باع الجولان في عام 1967، ثم افتعل حرب تشرين التحريكية مع السادات، في محاولة للقول أنه مازال يفكر باستعادة الجولان، لكن كل المعطيات التي جاءت بعد ذلك، كانت تشير إلى أن الدور الوظيفي للنظام السوري، الأب ثم الابن، تؤكد أنه خير حارس لحدود إسرائيل، وأفضل مطيع للأمن الإسرائيلي والحفاظ عليه، وهو (هو) وليس سواه من باع الجولان في المرة الأولى، ثم باعه ابنه في المرة الثانية، وهو ما اعترف به استراتيجيون صهاينة مؤخرًا، عندما قالوا أن صفقة واتفاق الجنوب السوري في درعا والقنيطرة، والتي حسمت الثورة المسلحة في حوران، كان يقابلها من قبل النظام السوري التخلي كلية عن المطالبة بالجولان المحتل، وهو ماساهم في  تشجيع الأميركان على إصدار مرسوم الجولان، وهم الذين رعوا مع الروس اتفاق خفض التصعيد في الجنوب، وفقط اتفاق الجنوب، لأن ذلك من أولويات اهتماماتهم، وهو الحفاظ على أمن إسرائيل، وهو ما كان في تصور الرئيس الأميركي يوم الإعلان عن مرسوم ترامب البائس بإعطاء الجولان رسميًا لإسرائيل.

ويبقى السؤال هل يغير ذلك من الأمر شيئًا في ظل تخلي النظام عن الجولان منذ 52 عامًا، وكذلك تخلي العرب والمسلمين عن الإتيان بأية خطوة لتحرير الجولان أو فلسطين، فحالة الضعف العربي التي نعيشها اليوم وفي عقود خلت وعلى المدى المنظور لا تسمح باستعادة الجولان، لذلك فسواء قام ترامب بإصدار مرسومه (سيء الصيت) أو لم يقم، فالمسألة متعلقة بحالة الضعف والتخلي للنظام السوري والعرب عمومًا، وعندما يمتلك العرب القوة الموازية لتحرير فلسطين أو الجولان لن يقف في طريقهم أي مرسوم. ضعفنا ووجود هذا النظام وإجرامه بحق شعبه متربعًا فوق رؤوس البلاد والعباد هو المشكلة وليس سوى ذلك. وبالطبع فإن ترامب الذي منح الجولان للإسرائيليين ما يزال ينطبق عليه قول جمال عبد الناصر: «لقد أعطى من لا يملك، لمن لا يستحق»، وذلك في رسالته إلى الرئيس الأميركي، جون كندي، في مطلع ستينيات القرن الماضي، في تقييمه وشرحه لوعد بلفور.

وكما قلنا المشكلة الأساس في سورية بوجود النظام المجرم الذي ما برح يبيع كل الوطن من أجل أن يبقى ممسكًا بالسلطة حتى لو حرق البلد. وهو شعارهم الذي قالوه منذ بداية ثورة الحرية والكرامة. ونستحضر هنا أيضًا قول الشبيح اللبناني (وئام وهاب) الذي قال (الدولة السورية إن تخلت عن الجولان تسقط شرعيتها). نعم أيها الشبيح تسقط شرعيتها، وقد سقطت شرعية نظام الأسد منذ باع الجولان عام 1967.

ومع كل ذلك فإن الغالبية العظمى من الكتاب والصحافيين الإسرائيليين وخلال متابعة ما يكتبون بعد اعلان ترمب يشيرون إلى أنهم، لم يجدوا في خطوة و«مسرحية» ترامب هذه، إلا مجرد خدعة إعلان انتخابي لا يقدم ولا يؤخر شيئاً على أرض الواقع.

 

أحمد مظهر سعدو

رئيس القسم السياسي

 

 

 
Whatsapp