لم يعد خافيًا على أحد تنازل النظام عن الجولان، كما يعلم الجميع ألاعيب حافظ الأسد عام 1976 وكيفية التنازل عن الجولان وتحول الجولان لورقة سياسية وإعلامية يديرها النظام كيف يشاء وباسم الممانعة والصمود والأرض مقابل السلام، وبالنتيجة نجد الاستنزاف لكافة مقدرات الدولة بادعاءاته الكاذبة حول الجولان.
أما الواقع فقد كان بعيداً كل البعد عما تم الترويج له، إذ تم التنازل عن الجولان من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبالنسبة للذين نزحوا عن الجولان السوري، فقد حدثنا أحد النازحين كيف أن النظام تعمد توطين النازحين في دمشق وأريافها، ولم يعط أي أهمية لموضوع أملاكهم في الجولان، أو حتى المطالبة بها أو تأسيس أي إدارة أو لجنة تعمل على المطالبة بحقوقهم وأملاكهم هناك.
صودرت العديد من أملاك النازحين، أما النظام وخلال مفاوضات السلام وما يدعيه عن مبدأ الأرض مقابل السلام، لم يتطرق أبدًا لأية حقوق للنازحين وأملاكهم، إضافة إلى هذا كله فقد تعمد عدم إعادة إعمار الأبنية المهدمة في القنيطرة، وتركها مجرد واجهة إعلامية لتسويق أكاذيبه حول التحرير وانتصاراته الوهمية، ولم يكتف عند هذا الحد فقد منع البناء والسكن في المناطق القريبة من الحدود، ولم يقم فيها أي مخفر أو بلدية. أما من الناحية الثقافية والتاريخية فقد كان التنازل علناً، حيث أهملت المواقع الأثرية في الجولان السوري، ولم يتم العمل على تسجيلها وتوثيقها أو تشميلها ضمن أي مشاريع ثقافية لوزارة الثقافة، في الوقت الذي كانت تعمل إسرائيل جاهدة في هذا المجال المهم، حيث انتشرت الأبحاث الأثرية الإسرائيلية في منطقة الجولان بالوقت الذي كان يصمت فيه النظام، ولم تقف إسرائيل عند هذا الحد، فقد عملت على تسجيل بعض المواقع في اليونيسكو كتراث عبري عالمي، كما حدث في موضوع تل قاضي الأثري ففي جلسة اليونيسكو تموز/يوليو 2008 وعملت إسرائيل على تسجيل تل قاضي كتراث عبري باسم تل دان.
في ذات الوقت تعمد وفد النظام السوري التغيب عن اجتماعات اليونيسكو وعدم الاعتراض على مشروع التسجيل، ومن قام بالاعتراض هو الوفد الأردني، مع العلم أن النظام السوري كان يعلم بمشروع قرار التسجيل، فقد كان سفير النظام السوري بكندا قد أرسل رسالة إلى وزارة الخارجية ووزارة الثقافة يعلمها بما يحدث من مشروع قرار وأن عليهم التحرك كونهم معنيين بالموضوع، لكن رغم هذا كله تغيب وفد النظام ولم يحضر الاجتماعات ولم يتابع موضوع تل قاضي الأثري.
هذا يؤكد على التنازل الكامل عن الجولان السوري المحتل، ودعم النظام للادعاءات التاريخية التي تقدمها إسرائيل وتعمل على تسجيلها في المحافل الدولة، في الوقت الذي يصمت النظام وإداراته ولا يقوم بأبسط واجباته تجاه ما يدعيه عن قضية الجولان السوري، وما يثير التساؤل هل يمكن لمن تنازل عن الحق المطالبة اليوم والاعتراض؟! ولماذا يصمت النظام؟! لكن الجواب القاطع إن حافظ الأسد وابنه تقاسما بيع الجولان سياسياً وثقافياً واجتماعيًا على طول المدى.
عمر البنيه
كاتب سوري مهتم بالآثار