عن المعارضة وحب الأنا


من المؤلم جداً أن الأنانية وحب المنصب (حتى لو كان منصباً فارغاً كمدير مجموعة واتس آب) ووجود أشخاص غير أكفاء وغير مناسبين في بعض الأماكن، لا زالت الظاهرة السائدة حتى اليوم، رغم كل الدمار الذي حل بنا، ورغم كل الشهداء الذين قضوا بسبب أخطاء كان يمكن تجاوزها.

تحضرني في هذا المجال عدة أمثلة، وهي من باب التذكير وليس من باب التشهير، فالتسلق والخنوع لمخابرات الدول المختلفة، أوجد لنا منصات مختلفة يدعي كلاً منها أنه الأحق ويبحث عن حصته ووجوده، فلماذا منصة القاهرة؟ ألا يمكن أن نطلق تسمية وطنية بعيداً عن التسمية الجغرافية؟ ولماذا منصة موسكو؟! ألا تشارك حكومة موسكو نظام الأسد في قتل الشعب السوري؟ ألم يصرح قادة موسكو مرات كثيرة عن تجارب أجروها على السلاح الروسي في سورية؟ ألا من خجل يدفعهم لتصريح إعلامي (مجرد تصريح) يعلن رفضه لأن يكون الشعب السوري حقل تجارب لأسلحة روسيا، أم أن حب الظهور والأنا المتضخمة لديهم الباحثة عن مكانة ما، عن مقعد ما، حتى لو على خازوق دفعهم ليكونوا عملاء لمن يقتل شعبهم؟

الأشد من ذلك اعتبار منصة موسكو من قبل قوى سياسية تتحدث باسم الثورة السورية بأنها معارضة، وإدخالها ضمن هيئة التفاوض، تحت ذريعة تنفيذ قرار مجلس الأمن، وهذه القوى يفترض فيها أن تمثل مصالح الثورة السورية وقد جاءت كي تفاوض للوصول إلى أهداف الثورة في الانتقال السياسي من نظام الاستبداد إلى النظام الديمقراطي التعددي، وهنا يحضرني تساؤل، هل نفذ النظام ما عليه من التزامات نافذة وثابتة بموجب قرار مجلس الأمن بإطلاق سراح المعتقلين ووقف القصف وفك الحصار؟ لماذا الخضوع وأنتم تمثلون ثورة تعتبر من أهم الثورات في التاريخ؟ لقد صمد الشعب السوري الثائر حتى أصبح أكثر من نصفه بين شهيد ومهجر ومعتقل، ولا يريد في المقابل منكم سوى الصمود، فأنتم يا من تنتقلون من دولة إلى دولة وتلتقون المسؤولين في الدول المختلفة في حملة مناصرة للثورة السورية ألا يمكنكم الصمود وقول كلمة (لا) كما قالها الشعب السوري؟

حتى هيئة التفاوض لم تنطق ببنت شفة حول التصريحات الروسية المتكررة عن تجارب الأسلحة التي يقومون بها في سورية، ورغم كل المجازر التي تقوم بها القوات الروسية في سورية لم أسمع منهم إدانة بالحد الأدنى، طبعاً أقول بالحد الأدنى لأنني أتوقع أن الموقف الثوري الحقيقي هو مقاطعة الروس وعدم التعامل معهم، فهم قوة احتلال كما نراهم، وكما يراهم الائتلاف الوطني نفسه في بياناته المتعددة، وأعتقد حسب فهمي أمام السياسيين في الائتلاف وهيئة التفاوض أن الاحتلال يقاوم، ولا يفاوض سوى من أجل الخروج من سورية.

وعلى سيرة الائتلاف أستغرب هذا التناقض في بياناتهم ومواقفهم السياسية وتصريحاتهم، فهم من جهة يصفون التدخل الروسي في سوريا بأنه قوة احتلال، لكنهم مصرون على اعتباره ضامناً للعملية السياسية وللهدن، ويطالبوهم بتحمل مسؤوليتهم والضغط على النظام لوقف الخروقات والقصف المستمر، فكيف تكون جهة ما قوة احتلال وهي بنفس الوقت ضامن للتهدئة؟

مع الذكرى الثامنة لانطلاقة الثورة السورية أجد من الواجب إعادة تذكير من تنطع لتمثيل الثورة السورية بأن الشعب السوري قدم ما عليه من صمود وتضحيات تفوق الوصف، ولا زال يقدم، لكن هل يستطيع هؤلاء الصمود؟ والعمل على تحقيق مصالح الثورة السورية؟

 

زكي الدروبي

صحفي وكاتب سوري

 
Whatsapp