الجولان الناجي من المجزرة


كم هو مؤلم أن تتمنى  لو كانت مدينتك أو قريتك تحت احتلال أجنبي أو بحوزة قوة غازية أو حتى تحت وصاية دولية أو منطقة متنازع عليها يحظر فيها دخول الدبابات أو تحليق الطائرات، صحيح تشعر قليلا بخسارة في المعنويات وفوات بعض الشعارات و تصحر في الأغاني الوطنية التي تمجد قائد البلاد وقاهر العباد سليل الأمجاد، ولكن بالمقابل وعلى الأقل تأمن مكر الزمان وغضب السلطان وهجوم المغاوير والفرسان رجال الزعيم الشجعان، وهذا لعمري خيار من خيارين كلاهما أمر من الصبر ولكن قالوا قديماً ضعف البصر أفضل من العمى فعلى أقل تقدير عندما تكون تحت الوصاية أو الاحتلال أو حتى بحوزة القراصنة فإن هناك قانوناً دولياً يؤمن لك الحماية ويحمل المحتل مسؤولية أي مكروه يحصل لك ما دمت في دائرة نفوذه وتحت مظلة خيمته، أما إن فاتتك هذه الفرصة وكنت متمتعاً بالاستقلال التام والتحرر من نير الاستعمار وجحافل المغول والتتار فأبشر يا صاح  بكل ما يسر خاطرك ويعدل مزاجك وما عليك إلا أن تبتسم فأنت في بلاد التطوير والتحديث والتفتيش والتعسيس والتفييش والتعفيش ، ولمجرد أنك نطقت بكلمة العدالة أو الحرية فلا أرض تقلك، ولا سماء تظلك سيأتي إليك كلاب جهنم ويسحلونك في شوارع بلدك الذي تحبه وتضحي من أجله حتى تموت، وقبل أن تخرج روحك إلى بارئها فلن يدعوك حتى تقول ديني الأسدية وربي بشار وكل هذا لن يشفع لك.

عندما يقدم الرئيس ترامب هدية متواضعة لنتنياهو هضبة الجولان السورية والتي تزيد مساحتها قليلا عن عشر مساحة لبنان، وذات الموقع والأهمية الاستراتيجية على الصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي والسياحي، تسأل هل كان لأي قوة في العالم أن تمنح أرضاً ليست من حقها لدولة أخرى لولا أن السلطة المسؤولة عن هذه الأرض المباحة فرطت وتنازلت عن كل حقوق شعبها وعن أقدس مقدساته وجعلته نهباً لقوى طامعة وسلمت زمامه لأعدائه يسومونه سوء العذاب.

تبقى هضبة الجولان مهما تخاذل النظام الأسدي المجرم سورية بامتياز،  وستعود يوماً إلى حضن وطنها الأم ولكن بعد أن يأتي الحق ويزهق الباطل ويسقط طواغيت الظلام وعبدة الأصنام يومها يكون للأوطان معنى آخر وفجر  يبدد ظلام الظالمين.

 

عاصي الحلاق‏

عضو تجمع المحامين السوريين الأحرار

 

 

 
Whatsapp