الإعتقال في سوريا عقوبة بلا جريمة وجريمة بلا عقاب


منذ انقلاب آذار 1963 في سوريا انتهج نظام البعث سياسة الاعتقال السياسي أداةً لترهيب الناس، وقمع كل صوت ينادي بالحرية، ومنذ اندلاع الثورة في سنة 2011 اعتمد النظام السوري سياسة الاعتقالات بشكل فظيع وسياسة ممنهجة شملت كافة الأراضي السورية.

يقوم النظام بعمليات الاعتقال بالخطف عبر الحواجز والمداهمات دون أية مذكرة اعتقال أو أمر قضائي ويهدف من ذلك لترهيب المجتمع بالكامل،

وخلافاً لكل الأعراف والقوانين يعتقل النظام السوري المواطن، ثم يخفيه زمناً طويلاً ويقتله تحت التعذيب ثم ينكر معرفته بمصيره.

ورد في كتاب (الاختفاء القسري سلاح حرب في سوريا) صادر عن الشبكة السورية لحقوق الانسان: لقد فشلت الحكومة السورية في حماية شعبها من جريمة الاختفاء القسري، بل هي من مارستها بشكل فظيع، في حين يقرر الفقه الدولي لحقوق الانسان أن المسؤولية تقع على الدولة لإثبات حالة الأشخاص المحتجزين لديها، وعليها أن تفتح تحقيقاً في كل الوفيات التي تحدث داخل أماكن الاعتقال.

لا يتحمل النظام السوري لوحده مسؤولية الاعتقالات، حيث تشير التقارير أيضاً إلى تورط كثير من الفصائل المتواجدة على الأرض السورية بجرائم الخطف والإخفاء القسري.

القانون الدولي وجرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري:

آ- التوصيف القانوني لجريمة الاختفاء القسري: هو الحرمان من الحرية لأسباب سياسية على أيدي جهات تابعة للدولة أو غيرها، ثم رفض هذه الجهات الاعتراف بمكان وجود الشخص المختفي، أو الإعلان عن مصيره، ما يجعله خارج حماية القانون.

ب - نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من تموز 2002، يصنف الإخفاء القسري باعتباره (جريمة ضد الإنسانية حين ترتكب في إطار سياسة عامة أو خطة منهجية) وهي لا تسقط بالتقادم.

ج - أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 /12/ 1992 قرارها / 47/133/ المتضمن إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وقد ورد في مقدمته أن الجمعية العامة إذ يساورها بالغ القلق لما يجري في بلدان عديدة، من حالات اختفاء قسري، يأخذ صورة القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغماً عنهم، علي أيدي موظفين من الحكومة أو على أيدي مجموعات منظمة ترى أن الاختفاء القسري يقوض أعمق القيم رسوخاً في أي مجتمع، وهي تصدر هذا الإعلان بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بوصفه مجموعة من المبادئ الواجبة التطبيق علي جميع الدول.

د - في سنة 2006 صدرت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وهذه الاتفاقية أقرّت بأن مفهوم ضحايا الاختفاء القسري لا يقتصر على المختفين فحسب بل يشمل أقربائهم، مع حق هؤلاء الأقرباء كضحايا في التعويض عن الضرر الذي ألمَّ بهم.

هـ - منظمات دولية لا ترى ولا تسمع:

ينظر السوريون بعين العتب حيناً والريبة أحياناً  إلى المنظمات الدولية التي تعرف كل شيء عن ملف المعتقلين السوريين، دون أن تقوم بواجبها القانوني والإنساني انصافاً لحقوق الشعب السوري.

إن من واجب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بكل هيئاتهما ولجانهما، وبما يمنحها القانون الدولي من أدوات وصلاحيات، أن تولي الاهتمام الكافي بقضية المعتقلين السوريين والمختفين قسرياً باعتبار هذه الممارسات جرائم ضد الإنسانية.

على المجتمع الدولي أن يضغط وبكل السبل على النظام السوري من أجل السماح دون أية شروط، بدخول لجان التحقيق الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى كافة السجون والمعتقلات السورية، كما أن من واجب مجلس حقوق الانسان متابعة قضية المعتقلين السوريين.

أخيراً:

سيبقى موضوع المعتقلين السوريين يؤرق كل سوري حرّ، ولن تهدأ سوريا حتى ينعم بالحرية كل معتقل سوري.

الزاوية القانونية

 

 أحمد صوان

عضو تجمع المحامين السوريين الأحرار

 

 
Whatsapp