منذ قليلٍ كنت هناك
كما إطار لصورة؛ صبيّ وبنتان
يرتقبون المغيب
ليسمعوا خشخشة أكياس تصعد الدرج
------
منذ قليل كنت هناك
أفكّ عقدة الستارة عن خصري
وأستريح من الحراسة
وأجمع، كما كلّ يوم، أصدقاء الّليل
الزيزان وأمّات الفراش وأفراخ العطريّة
وأقصّ عليهم ليلة جديدة من حكايا شهرزاد
------
منذ قليل كنت هناك
أنتظر حتّى يكفّ الباب عن صريره
ووشايتي للجدار المقابل؛ أنّي كنت أكبو في الضحى
وأفسح لغبرة الدرّاق أن تمرّ نحو المخدّات
وأنفتح على مصراعيّ لنايٍ حزين في الظهيرة
وأطاوع للأولاد دون حيطةٍ مدّ رقابهم عن حوافي في المساء
وأدرك من عين قفله حسدي على رفعة مستواي
ويبقى هو يلوح بين ذراعيّ الزاوية كأسير
------
منذ قليل كنت هناك
ألبس قميص الغبش المطرّز بالأسماء
ليعرف الجميع أنّ الّلالون لون وشفّاف أيضاً
قبل أن أُشاهد وسط الرّكام
الدّم الذي تربيّت على رائحته
يحيط بي كإطار
نتف الستائر والأكياس مازالت تلتمع في الدّخان
ولا شيء لأحكيه لا شيء
أنسحب من طريق المنقذين
كي لا تنال من أقدامهم خشباتي التي كشّرت عن مساميرها
في وجه الحريق
وأنسند بما كان ظهري على جذعٍ
ما زال واقفاً لشجرة كينا
وأسأل:
لماذا ركام الدّار أكبر منها؟
وكيف يكبر الصغار في الجثّة قبل الأوان؟
أتلفّت أبحث عن أثر لباب فلا أجد
فأصيح من قلب بلّوريَ المهشّم
لقد ظلمتك كثيراً يا باب! سامحني.