-1-
في الحربِ:
مُجرّد نهرٍ رقراقٍ
نحنُ
يُمايزُ الخنادقَ، يشعّ ُ نوراً، ويُضفي
يحتبي طعن الجهات، يندلقُ على نيران الحقدِ والحروب
لتنطفي
يلكزُ الوعي الأحمقَ المخمور، بغاياتهِ
الحقّ يجلو بين الرفاقِ
فنصطفي
يتجشؤون حقدهم الحادّ
فنهمسُ بالرواءِ للجرحى المُهملين بلا عطف
رغمَ فقدهم شبق الذبحِ
لا يؤْثِرَونَ على أنفسهم!؟
فنتوارثُ كل هذا البؤسِ
والقطفِ
لعلّنا نهتدي للنهاية المناسبة
-2-
ليسَ مُثيراً للاهتمام:
قطارٌ يعبر مهرجان الخداع
يكافحُ خفافيش الخواء
تفورُ من مِرجلهِ
فيسودُّ الهواء!!
مُضحكاً حدّ البكاءِ:
نثرُ ذرائعَ واهيةً
وسرد الوهمِ الباهتِ ينهشنا على مرأى العالم الثمل،
بالدماء
والصراطُ:
حادّ ودقيقٌ بما يكفي، ليهوي
المُدلّسون السفهاء
-3-
قبائلٌ من طاعونِ الغرورِ
تنهشُ أشلاءنا، لترتقي منبراً
ويصرخ سادة الوباء:
باركوا المذابح
أوقفوا الطعام، والتبغ، والدواء
أغنية تتلعثمُ بخطواتي عبر الطريق الموحلِ
أنا أنحدرُ من أصولٍ غجريّة ٍسمراء
لا أحد يُمثّلني في المجالس سوى صَدحُ الغناء
هل تعترفون بأغاني الغجر مندوباً فوق العادة
عني!؟
-4-
الأنثى المِغناج التي لم نعرفها
والدروب
تلك التي لم نمشها
لم تنسَ
سجّلت إنجازاتها عبر كلّ ديارنا
الحروب
والمؤتمراتُ، بأركانِ بياناتها الختاميّة مؤثّثةً بالمذابحِ
قبيل الفجرِ، وبعد الغروب
والخيانات التي يشتهونها، يقترفونها
ونتعفّفُ عن مغازلتها:
هذه اللعوب.
الحزنُ، والخيبةُ التي تقترفنا
حلزون الخيانةِ يتسحّبُ في الأوردةِ
يمضون حين إشارةٍ:
كهبوب.
عوالمنا المشرقيّة التي تتهاوى فوق رؤوسِنا
وهذا الوطنُ المنكوب.
من جزَّ حنجرة المُغني !؟
وحطمّ أصابع الفنّانِ اللبيب
وأصحابي المجهولين، كالجدريِ ّ يتحاشاهم
هذا، وذاكَ:
الكذوب.
أليست هذهِ لعنةَ القيامةِ القصوى
تقومُ علينا، تأخذُ الفرسان
ولا تؤوب!؟
-5-
إنّهُم يحتفلون!
فضلة أيامٍ، ونصراً زائفاً لليبابِ
ومدائن لم تعُد تشعر بالخوفِ
ولو أستتبَّ الأمر لجحافل الخراب
ليلها العنيد، وأنهارها الثكلى، والأبناءُ تحت التراب
يُباغتهُم الصبحُ، فيهدي للتي هي أقومُ
أليسَ الصبحُ هو الجوابُ!؟
- 6-
غداً
سنجدُ من تحدّث عنّا
جنازاتٍ صامتة تسري تحت قشِّ الخديعة
تعاقرُ الذرائع
نعوشاً من نياشين ملوّثة، بدمنا
غداً
سيكتشفُ فقراء القبيلة
أن ثوراً من ورق
كان يصدحُ بالأناشيد الوطنيّة وهو في طريقهِ للذبحِ
ينطحُ حجرَ المسلخِ بأقلامِ رصاص
-7-
لم يعُدْ نبيّاً ذائع الصيت
هذا الورقيّ
كان حزبيّاً يسارياً، مرّة
ويمينياً يلتاعُ لذبحِ الديرة
بأسلوبٍ شديد الفظاظة والوقاحة
يتلو قصيدةً عصماءَ
لتأبين القضيّة
يُصفّق القاتلُ لهُ مُبتسماً لبلاغته العربيّة
يتعثّر المسكين بفاصلةٍ مُنكبّةٍ على وجهها
تتبعثرُ إشارات الاستفهام
مناجلاً لحصادِ أعناقِ الحكايا والقصيدة
أطفئوا الأنوار
أسدلوا الستار
فقد ضاع دمنا بين القبائل الفارسيّة والروميّة
يذرفُ الِّلصُ البدويّ المسكين
دموع العرفانِ
حين يلبسوهُ ثيابَ نبيٍ،
ويقذفوا لنا صلباناً، ولشهودِ الزورِ ببريق الأضواءِ
وبثلاثين فضيّة!؟
-8-
يُمكنني أنّ أظِلّلَ ذقنك المعقوفةِ،
بقبّعةٍ
يُمكنني رؤيةَ حُزنكَ يُمارسُ غوايةَ الحضور على المنابرِ
دعني أعيد ترتيب تفاصيلك
فالعطرُ المسروق من الدمِ
تختنقُ بهِ مسامُكَ
الأحذيةُ التي تجتثُّ القُرى عن الخرائطِ
يبحثون عن أرشيفها، في صدري
ليقتلوا الممالك
لا ينتهي الموت،
والمُثقّفُ يُصفّقُ لخندقين!؟
يتسوّكُ بالتذاكي ونحنُ في ردم المهالكِ
صدورنا كهوف
والقصصُ التي نعشقها تتضاءلُ
أنا الغريقُ:
خذوا يدي
لينجوا الفُلكً المُتهالِك
-9-
حسبنا أنّا نحتفلُ مع السُكارى بلا ذنوبٍ
نرفعُ أنخاب الدجّالين على أنهّم فضيلة العهد القديم
بشقيّهِ
يا لبؤسِ أنخاب الرذيلة
يُتعتِعَنا السُكرُ بهمومِ المدنيّة
الليل، أصحابي، وأنا
وخمرةٌ من عصارةِ النجمِ
آتية
ونخوةٌ تحرق لذّتها العيون
ونشوة كالنار
كالرياح العاتيّة
وحدنا في البيداءِ فمن ذا يُذيبنا
سوى ثورةٌ فتّانٌة
غانية
محمّد صالح عويّد
شاعر وكاتب سوري