مسؤولية المعارضة والسوريون


بات لي فترة من الزمن أركز على أهمية الدعوة إلى إنشاء تحالف تركيا التي يدعو إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. هذه الدعوة تذكر المعارضة أيضا بمسؤولياتها السياسية. إنها دعوة للتفكر مركزها وجوهرها تركيا بالأساس. إن نجاح كل من السلطة والمعارضة في تركيا من خلال هذا الفهم الجديد بالتوصل لأرضية مشتركة متفق عليها في موضوعات "السياسة الخارجية، الأمن والاقتصاد" ، سيكون ضمانا وحاميا لديموقراطيتنا وبقائنا. يتعين على المؤسسة السياسية في البلاد البحث عن حلول لهذه التحديات التي تواجهنا وأن بصرف النظر عن الجدالات والخلافات الحالية. يجب طرح أسئلة جوهرية من قبيل : كيف يمكن تركيا التخلص من عبء الاضطرابات والأزمات التي حدثت في السنوات الست الماضية؟ كيف وفي أي اتجاه يجب على تركيا أن تؤثر في التوازنات الجيو-سياسية في المناطق المحيطة بها الملتهبة والمتغيرة؟ كيف يمكننا أن نتعامل ونستجيب للتطورات المعقدة والمحفوفة بالمخاطر في عالم اليوم الجديد؟ إن كل محاولة جدلية أو شعبية تستثني هذه الأسئلة الجوهرية من جدول أعمالنا لن تجلب لنا إلا الضرر وليس المنفعة.

 

****

 

إن المنافسة في الانتخابات -وعلى عكس ما يظن البعض- فإنها ترهق المعارضة أكثر من الحزب الحاكم. سبعة عشر عاما متواصلة من سيطرة حزب العدالة والتنمية على السلطة في البلاد دون انقطاع جعلت من حلم الوصول للسلطة عند حزب الشعب الجمهوري شعورا بعيد المنال. واضح أن الاضطرابات والأزمات المعاشة قد قللت من درجة المسؤولية عند المعارضة وأخفضت نسبة الشعور بها. التكتيكات السياسية التي اتبعها زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو قد جعلت حزبه حزبا بعيدا كل البعد عن وعي المسؤول الذي يفكر بالكل التركي وجعله يفكر بالحزب فقط عوضا عن ذلك.

هذا الحال تجلى بوضوح  في عملية مكافحة إرهاب تنظيمي بي كا كا وفتح الله غولان وفي نقده لتهميش حزب الشعوب الديموقراطية HDP. لقد كانت نتيجة ذلك ظهور مقاربة تعد مادة جدلية في السياسة الخارجية. علاوة على ذلك، فإن اتخاذه لسياسة إقصائية وتمييزية ضد السوريين قدقادته إلى "أخطر مراحل الشعبوية. لقد حان وقد المراجعة والمحاسبة الحقيقية.

 

*****

لقد كان الخطاب القاسي لرئيسة الحزب الجيد أكتشنار ولكيليتشدار أوغلو ضد اللاجئين السوريين في الفترات الانتخابية، كان نتاج مقاربة تضع مشاعر الإدارة والحكم جانباً. ومع ذلك قلنا إنها الشعوبية الخاصة بالحملة الانتخابية. لقد رأينا بعد انتخابات 31 مارس البلديات التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري تتنافس على طرد السوريين من المدن التي يديرونها.

رأينا رئيس بلدية بولو أولاً  ومن بعده رئيس بلدية كمال باشا في أزمير قد بدأوا بتنفيد خطة "قطع المساعدات عن السوريين وطردهم". هذا السلوك هو مثال واضح على عدم المسؤولية السياسية. إن هذا التصرف يعد إشارة على أن حزب الشعب الجمهوري الذي امتلك سلطة محلية "بلدية" لا يصلح ولا يمكن أن يكون حزبا حاكما في عموم البلاد. هل يدرك حزب الشعب الجمهوري أنه يشجع على ممارسة العنصرية من خلال الشعوبية المحلية؟ هل هو مدرك بأنه قد قدم المصالح الآنية للحزب على المصالح العامة لتركيا بصورة خطيرة ؟ لا يمكن إدارة البلاد أو حكمها بهذه الطريقة.

ربما يسعى رؤساء حزب بلديات الشعب الجمهوري من خلال هذه التصرفات أن يدفعو السوريين للانتقال من بلديات المناطق التي يديرها حزب الشعب الجمهوري إلى المقاطعات والبلديات التي يديرها تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية.. انهم يتطلعون إلى هذا النوع من المكر واللعب. إنهم يسعون لتحميل تحالف الجمهور عبء المسؤولية الثقيل الذي يفترض أن تتحمله تركيا كلها، لكن العواقب المحتملة لهذه القضية ليست بهذه الدرجة من البساطة.

 

****

قبل كل شيء من المهم التأكيد على أن القول بضرورة "أن ينصرف السوريين ويخرجوا"  ليس اقتراحا سياسا. لكن لا يستطيعون الإجابة على أسئلة: كيف وأين يذهبون؟

يقولون عبارات مثل: "لقد انتهت الحرب في سوريا، وحل السلام. نحن آسفون لكن يجب أن يعودوا لبلادهم، فماذا يفعلون هنا وماذا بقي لهم؟" هذه العبارات هي مثال على الطيش وعدم الاكتراث والمسؤولية. إن القول بأن اللاجئين السوريين سيعودون إلى بلادهم عن طريق عقد تسوية وإجراء مصالحة مع نظام الأسد يعني تجاهل الهيكل الهرمي للسياسة الخارجية في تركيا.

لا يمكنكم إعادة 3،6 مليون سوري إلى بلادهم بإجراء اتفاق هكذا مع الأسد الذي قتل مئات الآلاف من السوريين. لا يمكنكم إرسال الناس إلى الموت بالقوة و يمكنكم إعادتهم للتعذيب والإذلال. إذا كنت المعارضة تريد أن تقف موقفا مسؤولا تجاه المعارضة السورية فيجب عليها أن تدعم سياسة إنشاء مناطق آمنة التي تتبناها تركيا. يجب عليها أن تتخلى عن  الاقتداء باليمين العنصري المتطرف في أوروبا.

برهان الدين دوران

 
Whatsapp