في ادلب: الفصائل ما تزال تعمل بشكل غير منظم


 

شهدت جبهات إدلب ومحيطها، منذ بداية أيار2019، تغييرات كبيرة من حيث توزع القوى العسكرية وانتشارها، بالتزامن مع اشتعال الجبهات بين قوى الثورة وميليشيا نظام الاجرام الأسدي وحلفائه في ريف حماة.
تعتبر جبهات ريف حماة من أكثر الجبهات في محيط إدلب نشاطاً وإعادة الانتشار وعلى الرغم من الإعلان عن تشكيل غرفة عمليات لقيادة معارك التصدي لقوى الاحتلال التي تتمثل بجيش الإرهاب الأسدي وميليشيا (حزب الله) وباقي الميليشيا الإيرانية وبغطاء سياسي وعسكري من الفاشية الروسية وقوى احتلالها، إلا أن الفصائل ما تزال تعمل بشكل غير منظم، وانتشارها وتوزعها متغير باستمرار بحسب الهجمات، ونفس الشيء يقال عن ريف ادلب الشرقي وريف حلب الجنوبي والضواحي الغربية والشمالية؛ وتمتد المعركة لتصل لريف اللاذقية الشمالي.
هذا الانتشار، من جميع الأطراف بما في ذلك التي تدعي تمثيل قضية الثورة والشعب السوري، يوحي بنوع الصفقات التي تتم بين مراكز القوى الإقليمية حين يزول الغبار الكثيف الذي يُنفخ في إدلب وعلى جثث المدنيين القتلى ووجوه اللاجئين الباكية، بسبب الضربات الاجرامية الجوية الروسية والهجمات البرية لنظام الشبيحة وحلفائه المجرمين.
لقد أثبت الروس مرات أنهم لا يمانعون الوضع الحالي في إدلب من خلال سيطرة جبهة النصرة المسماة "هيئة تحرير الشام" ولكنهم يرغبون في الاحتفاظ بها كمفتاح لمنع أو تحرير العناصر الفاعلة الأخرى متى رغبوا في ذلك، وبالنسبة لنظام الشبيحة لديه الطموح الأعمى، وبالنسبة لإيران تمثل جزءً مهمًا نسبياً في أحجية الألغاز الكبيرة.
ذلك أن إدلب التي تسيطر عليها حالياً "هيئة تحرير الشام" التابعة لتنظيم القاعدة الارتدادي الظلامي، لا تعني إلا الأشخاص الذين أطلقوا عليها اسم وطنهم ذات مرة والأشخاص الذين يريدون المغادرة يوماً بسلام، والأمر نفسه للبعض ممن يراها سداً يمنع تدفقاً جديداً للاجئين؛ كما أنها ليست مشكلة كبيرة بالنسبة للأمريكيين على كامل الصحن الذي يشمل الحروب التجارية مع الصين ومشكلتي فنزويلا وكوريا الشمالية. 
إن الهجوم بدأ على الشمال المحرر بعد أيام فقط من اختتام ما سمي كذباً بمحادثات السلام السورية في كازاخستان بين تركيا وروسيا وإيران؛ كان موضوع الاجتماع مناقشة جميع الوعود غير المطبقة حسب زعمهم.
ربما تكون تركيا على وشك التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين بشأن المنطقة الآمنة المرغوبة في شمال شرق سوريا، وهناك شائعات تشير إلى ذلك، خاصة بعد أن قال "عبد الله أوجلان" علناً يجب على ميليشياته في سوريا أن تأخذ في الاعتبار الحساسيات التركية.
ويتطلب الأمر المزيد من الجهد، ومن جميع أحرار وثوار سوريا لبناء حركة ثورية تحررية لمواجهة جميع قوى الاحتلال التي استدعاها نظام الاجرام الأسدي وعاثوا جميعاً فساداً على تراب سوريا الطاهر وولغوا أكثر بدماء شعبنا وأهلينا، فهلا بدأنا دون انتظار؟ والأهم أخيراً؛ هل يمكن إيجاد غطاء سياسي لهذا البناء التحرري الواعد؟

 

عبد الباسط حمودة

 كاتب وباحث سوري

 
 
Whatsapp