71 عاماً على النكبة الفلسطينية الواقع والمستقبل


71 عاماً على احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهونية والتي نفذت مجازر بحق الشعب الفلسطيني بهدف إنشاء وطن قومي لها، فكانت المأساة تهجير وتشريد وقتل منظم، وهدم للبيوت، وإغتصاب للنساء فضلاً عن سياسة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها العصابات الصهونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، دون أي نجدةً مخلصة من قبل النظم العربية دفاعاً عن فلسطين، وكأن الذين يقتلون ليسوا بشرًا بل كائنات ليس لهم أي قيمةً، ثم انتهت الحرب باحتلال فلسطين.  

انتهاء الحرب واحتلال فلسطين وتشريد ساكنيها وفقاً لاحصائيات بشأن هذا الموضوع والتي حصرت عدد الاجئين آنذاك بما يقارب 150 ألف فلسطيني شردوا عن أرضهم وأوطانهم بزعم إنشاء واحة ديمقراطية في المنطقة العربية تتغنى بها على حساب جماجم الفلسطينيين الذين قتلتهم وشردت ذويهم واغتصبت أمهاتهم وجوعت أجدادهم ووأدت أطفالهم، ومازال يخرج علينا البعض ليقول لنا بأن التطبيع مع (إسرائيل) أمر هينّ بل هو فرض عين يجب تنفيذه والإلتزام به من قبل بعض المطبعين.

البيئة الفلسطينية ما بعد النكبة

ورث الشعب الفلسطيني ما بعد النكبة واقعاً مزرياً مريراً على كافة الأصعدة والمستويات فما زال الجرح الفلسطيني يئن حتى يومنا هذا، فالفلسطيني الذي ذاق مرارة التشريد والهجرة والطرد القسري من وطنه كان لابد لهذه الجريمة أن تترك أثراً وجرحاً عميقاً بداخله، فالوطن فلسطين ليس كأي دولة عربية أخرى فالوطن مثل الأم لايعوض. ومنذ ذلك الحين والفلسطيني يترقب تحرير وطنه وعودته إلى بلاده لكن آماله ووعوده التي رسمها وتخيلها ما بعد النكبة أصبحت هباءً منثورًا فما إن تعافى من جرح النكبة حتى أصيب بجرح آخر وهو النكسة وما حل من هجرة أخرى للفلسطينيين من ديارهم وبلادهم، وكأن العقل الفلسطيني وذاكرته الجماعيه قد تعودت على التهجير القسري والتغريب، حتى تتمدد (إسرائيل) وتوسع كيانها المغتصب على حساب الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

لم تكن البيئة العربية ما بعد النكبة الفلسطينية مساندة لعودة اللاجئين الفلسطينين لبلادهم، فنكسة عام 1967 وما تلاها من هزيمة للجيوش العربية التي كان يعولّ عليها للتحرير، لم تستطع أن تحرر بلادها، فكيف لها أن ترجع الفلسطينيين إلى بلادهم، فضلاً عن عمليات القمع الذي تعرض له الفلسطينيين من بعض الأنظمة العربية، والجور الواقع عليهم، كل ذلك كان عاملاً مباشراً في التخفيف من حدة الآمال التي تلقى بظلالها على الفلسطينين، الذين كانوا يرون في ذلك نصراً مؤزراً لهم، سقطت الأمنيات وخابت التمنيات، وأصبح الفلسطيني مهجراً بين دولة وأخرى بحثاً عن لقمة عيشه بدلاً من الجلوس في الطرقات أو استجداء بعض المنظمات الدولية أملاً في الحصول على كيس طحين يسدُ به رمقه.

ومع حلول الانتفاضة الفلسطينة الأولى، والتطور النوعي للفلسطينيين في مقارعة الإحتلال الإسرائيلي، وبداية حقبة التسعينيات وتوقيع إتفاق أوسلو ولد شعور لدى الفلسطيني بحلم العودة إلى فلسطين، لكن للأسف لم يتم الوفاء بالوعود، وتم إستثناء بل تجاهل مبدأ حق العودة مقابل تعويضات تمنحها المنظمات الدولية كاستحقاق أمميّ عوضاً عن تشريدهم وتهجيرهم عن بلادهم فلسطين.

ما هو الحل؟

الآمال التي رسمها الفلسطيني ما بعد النكبة حتى وقتنا الحاضر باءت جميعها بالفشل، ومع ذلك ما زال الفلسطيني يترقب موعد عودته إلى بلاده المدمرة، والتي هجر منها قسراً وظُلماً وعدواناً. لكن الفلسطيني مازال يثق بشعبه في الداخل ومقاومته التي رسمت ملامح عودته، ونتذكر هنا كلمات الشهيد د. الرنتيسي قائلاً: "لقد حاوروا العدو ولكن حاوروه بالدم، حاوروه بالسلاح، حاوروه باللغة التي يفهم، التي أمامها ينصاع، فعدوكم لا يفهم إلا لغة واحدة، هي لغة الحرب".  

لذلك فإن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين يتوقف على مسألتين مهمتين أولاً: توحيد الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة واعية وناضجة تدرك معنى حق العودة، والآلام للاجئين الفلسطينيين. ثانياً: الحفاظ على الموروث الوطني الفلسطيني ودعم ثورته كبديل مهم عن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية على مدار أكثر من ربع قرن، التي لم تحقق أي فائدة تذكر سوى تعميق الاستيطان، وتعزيز مبدأ الأرض مقابل القتل وليس الأرض مقابل السلام. فإسرائيل عدو لا يعنيه أي مقرر دولي من شأنه عودة أي لاجئ فلسطيني إلى أرضه، وإلا لما قام بإغتصاب فلسطين وتهجير ساكنيها على مدى أكثر من 71 عاماً.

 

د. معاذ عليوي

 كاتب فلسطيني

 
 
Whatsapp