شهيدٌ حُلوٌ.. وكلام مُرّ...!
في سباق التأبين، وأمام جلال الشهادة، سيلٌ من الكلام الباذخ، وزخمٌ من الألفاظ الوارفة، استحقها الساروت الشهيد بجدارة، استدعت شيئاً من الاستغراب والتساؤل عند البعض؟!
نعم نكتب عنه بهذا الزخم، لأنّه الجذوة المتقدة في رماد إحباطنا وتواكلنا، ولأنه الأمثولة الأروع، التي نحكيها لأطفالنا في خضم خيباتنا، ويباب حياتنا، وفي شتات ثورتنا.
لأنّ دمهُ، ودماء رفاقه من الشهداء، الذين ربما لم نسمع بهم، ولم يكتب أحدٌ عنهم، ولم يجرح ألم فقدهم سوى قلوب ذويهم، هي مداد أقلامنا الجافة، ونُسغ عروقنا المتيبّسة.
نكتب عنهم بهذا الوهج الذي يشبه جراحهم النازفة، لنرمّم بحيويتها ثورتنا المتآكلة، وبهذا التمجيد والتعظيم، لنمنح أنفسنا شرف انتمائهم إلينا الذي لا نستحقه.
نكتب عنهم لأننا متسكعو الثورة على أرصفة الفيس بوك، الذين تحركنا غريزة القطيع، وانفعالات الحشد، هذه الانفعالات التي لا تلبث أن تخبو مثل بالونٍ مثقوب.
نكتب.. لأنّه ليس لنا من عملٍ سوى الكلام المنمق عن الثورة والشهداء، والسباب والشتائم على أعدائها، الذين كلما أوسعناهم شتماً، أوسعونا قتلاً واستباحةً، دون أن يقلل ذلك من إحساسنا الوهمي بانتصاراتنا الصوتية، وبأمجادنا الخلبيّة، وبالشعور المخادع بالرضى عن ثرثرتنا الفيسبوكية.
نكتب عنهم لأنهم أوسمة الثورة، التي لا ينالنا من شرفها إلّا أننا الحائط المائل الذي نعلق عليه هذه الأوسمة.
ولكن عندما نستطيع أن نكون الصدور النابضة بالكبرياء، والرافضة للمساومة والامتثال، والمختزنة لطاقة العمل الثوري، القادرة على النفخ في رماد الثورة، وإشعالها من جديد، نستحق أن نحمل هذه الأوسمة على صدورنا، على أنّها جزءٌ منّا، وأننا جزءٌ منها.
بسام البليبل
شاعر وكاتب سوري